يتعمّد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في كل تصريحاته عن سورية بإكثار اللغو عن وقوف بلاده إلى جانب الشعب السوري وتقديم المساعدات له، ولكن ما يحصل على أرض الواقع عكس ذلك تماماً حيث يواصل دعم الإرهاب واحتلال أراضٍ سوريّة وسرقة وتخريب البنية التحتية والمحاصيل الزراعية.
كما يقوم هذا النظام بتوجيه قواته وعملائه من تنظيمات إرهابية ومرتزقة للتنكيل بالمواطنين والاستيلاء على أملاكهم الخاصة وتدمير وحرق محاصيلهم ومنشآتهم لدفعهم عنوة لترك مناطقهم ومن ثم استباحتها ونهبها.
وتكمل القوات التركية الغازية دور مرتزقتها وأدواتها الإرهابية بالاستمرار في سرقة النفط السوري والمحاصيل الإستراتيجية إضافة إلى تشويه المعالم الثقافية والأثرية بعد سرقتها ونقلها إلى الداخل التركي.
ويوغل النظام التركي في عدوانية بالحد من تدفق المياه في نهري الفرات ودجله خلافاً للقوانين الدولية والاتفاقيات التي تحكم توزيع المياه والحصص في حالات الأنهار العابرة للحدود، وذلك بهدف الضغط على سكان حوض النهرين ومحيطهما ودفعهم إلى مغادرتها وتركها لمرتزقته من جهة وممارسة الضغوط الاقتصادية والسياسية على الحكومة السورية التي ترفض أي تدخل خارجي في العملية السياسية من جهة أخرى.
تؤكد كل الجهات “العراقية والسورية” المعنية بمراقبة تدفق المياه في نهري الفرات ودجلة أن الحكومة التركية قامت مؤخراً بتخفيض تدفق المياه في النهرين إلى حد خطير يهدد الواقع الزراعي والمائي ويشكل خطراً على بيئة النهر الطبيعية والثروة السمكية، الأمر الذي يكشف النوايا الخبيثة للنظام التركي والتي تتجاوز مزاعم الحاجة الشديدة للمياه وضرورة إملاء السدود المتعددة على مجريي النهرين.
من المعلوم أن تركيا تملك مخزوناً استراتيجياً كبيراً من المياه بعد بنائها مجموعة سدود على فروع ومجرى نهري الفرات ودجلة، ولكنها تعمدت بناء سدين: “اليسو” على نهر دجلة و”أتاتورك” على نهر الفرات، بطاقات تخزينية كبيرة للتأثير على انسياب المياه نحو العراق وسورية واستخدامهما في الضغط السياسي.. وبرز ذلك في السنوات الأخيرة بشكل كبير حيث لم تفلح المناشدات العراقية للجانب التركي بعدم خرق الاتفاقيات والقوانين الدولية ولكن من دون جدوى.
ولم يقل السلوك العدواني للنظام التركي إزاء تدفق المياه في نهر الفرات عن دوره المتواصل في دعم الإرهاب وخرق السيادة السورية الأمر الذي لا يستوي أو يتفق إطلاقاً مع نفاقه بالعمل على مساعدة السوريين.
من الواضح أن هذا النظام يستفيد من مشغله الأميركي في تبرير أفعاله العدوانية حيث تزعم واشنطن أن العقوبات على سورية هدفها حماية السوريين، وتجاريها أنقرة بالقول: إن دعم الإرهاب واحتلال أراض سوريّة ومن ثم حجز مياه الفرات يصب في خدمة السوريين.
يخطئ من يعتقد أن السلوك العدواني التركي بالحد من تدفق المياه في نهري الفرات ودجلة إجراء أحادي ولا صلة له بحزمة العقوبات الأميركية على الشعب السوري، ومحاولة واشنطن الضغط على الحكومة السورية للقبول بتدخلها في العملية السياسية، وينطبق الأمر كذلك بالنسبة للعراق حيث تمارس الإدارة الأميركية ضغوطاً كبيرة على الحكومة العراقية لرفض تنفيذ قرار البرلمان العراقي بسحب القوات الأميركية.
لا شك أن غياب التنسيق العربي عموماً والتنسيق العراقي- السوري على وجه خاص إزاء استخدام النظام التركي لحرب المياه يوفر له المضي في توظيف هذا الخيار إلى أبعد حد، والتجارب السابقة أثبتت فشل التعويل على الوعود التركية في عدم الاعتداء على الحصتين السورية العراقية من مياه نهري الفرات ودجلة، الأمر الذي يدعو الحكومتين العراقية والسورية إلى التحرك قانونياً وإقليمياً والضغط على تركيا لوقف خرقها للاتفاقيات الموقعة في هذا الشأن.
الملاحظ أن الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة يحاولون تعويض خفوت اعتمادهم على القوة العسكرية باستخدام أدوات جديدة منها حرب المياه.. وما تواجهه سورية والعراق اليوم من عدوان تركي صارخ في هذا الملف يتكرر مع الجانب المصري بإصرار الحكومة الإثيوبية بدعم من واشنطن وإسرائيل على استكمال بناء سد النهضة الذي سيؤثر بشكل مباشر على تدفق المياه في نهر النيل، من دون الاتفاق مع مصر الأمر الذي يستدعي التنبه العربي لهذه المخاطر قبل استفحالها على المستوى الداخلي.
معاً على الطريق- أحمد ضوا