ثورة أون لاين – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
لا تستطيع أميركا، وهي تغزو بلدان العالم، وتسطو على ثروات الشعوب، إلا أن تمارس كل أشكال التسييس لملفات إنسانية يفترض أنها أبعد ما تكون عن السياسة مثل ملف (المساعدات الإنسانية)، وذلك لتنفيذ مآربها المشبوهة ومخططاتها الاستعماريةالشريرة،فإدارات البيت الأبيض المتعاقبة لم تدع قضية متعلقة بحقوق الإنسان أو المساعدات الإنسانية إلا واستثمرتها، وقلبت مفاهيمها، وضللت العالم بشأنها.
لا بل إن من كان يراقب تحركات جنود الولايات المتحدة الذين غزوا العراق وأفغانستان والصومال وشمال سورية، وغير بلد من المعمورة على امتداد العقود الماضية، يجزم بأن واشنطن لم تكن تسيس هذه القضايا الإنسانية فقط، بل إنها كانت تحت ستار توزيع المساعدات الإنسانية للشعوب الفقيرة والمحتاجة، تدفن نفاياتها النووية كما حصل في الصومال في فترة من الزمن، وكما حدث في غير بلد من العالم.
اليوم أميركا تمارس الدور الشرير ذاته مع سورية، فهي حين أفلست في الميدان، وتم دحر إرهابييها من معظم الجغرافية السورية على يد الجيش العربي السوري، وحين استطاع الشعب السوري ودولته وحكومته مواجهة حصارها القادم تحت إرهاب (قيصر) اتجهت إلى إحياء ورقتها المحترقة، ونعني بها ورقة المساعدات الإنسانية التي استغلتها بأكثر من دولة ولعبت على حبالها.
ولعل مشروع القرار الأخير في مجلس الأمن الدولي، الذي استخدمت روسيا والصين (الفيتو) ضده، والذي حاولت واشنطن وأدواتها في منظومة العدوان تمريره لاستغلال الأوضاع الإنسانية في سورية ومحاولة انتهاك سيادتها من خلاله، خير شاهد على هذا الاستهداف لسورية والاستثمار البشع للقضايا الإنسانية فيها.
فالمشروع يحاول إتاحة تمديد آلية نقل المساعدات الإنسانية لمدة عام عبر الحدود دون موافقة الحكومة السورية، وذلك كي تقوم واشنطن بتمرير السلاح والدعم لإرهابييها تحت ستار المساعدات الإنسانية، ما دفع حليفتي سورية الصين وروسيا لرفع بطاقة حق النقض (الفيتو) ضده، وإعداد مشروع قرار آخر يرفض تسييس هذا الملف.
هكذا إذاً تحاول إدارة دونالد ترامب العدوانية تسييس القضايا الإنسانية خدمة لأجنداتها الاستعمارية، وبشكل مواز مع احتلالها لبعض الأراضي السورية، ودعمها للتنظيمات الإرهابية، وحصارها الجائر الذي يحارب الشعب السوري بلقمة عيشه وخبزه ومائه، دون أي احترام للقوانين الدولية التي تحرم معاقبة الشعوب، ودون أي احترام لمبادئ العمل الإنساني، ولا يهمها سوى تنفيذ مخططاتها المشبوهة في المنطقة برمتها تحت عباءة المساعدات الإنسانية مرة ومحاربة الإرهاب المزعوم مرة أخرى.