افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
على بُعد أيام قليلة من الانتخابات التشريعية نقفُ بصلابة على أرض الطُّهر المَجبول تُرابها المُقدس بدماء زكية بَذلها شهداؤنا بكرم لحفظ الكرامة، بشموخ لتأكيد رسوخ السيادة، وبالإباء كله لتَثبيت استقلالية قرارنا، فهل من خيارات أمامنا ونحن نَمتلك هذا الإرث الوطني الثَّر والسجل المملوء مَلاحم بطولية إلا أن نَكون بالمُستوى المَطلوب، نُوجه رسائل الثَّبات والتماسك والقوّة؟.
انتخاباتُ مجلس الشعب هي استحقاقٌ دستوري وَطني، شأنٌ داخلي اختبره السوريون مرات ومرات، مرّة في ظروف الرخاء والاسترخاء، ومرة وسط حالة الازدهار والبناء، وأُخرى في أوقات صعبة لم تَخلُ من مؤامرة واستهداف، بل إنّ وَجداننا الشعبي الوطني تَزدحم فيه ذكريات التَّحدي وقد خُضنا تجربة الانتخابات للرئاسة، للإدارة المحلية، ولمجلس الشعب، في ظل تَعدد أشكال العقوبات، مُحاولات الحصار والعزل، فضلاً عن محاولات الطعن والتشكيك، ونَجَحَنَا .. اليوم ما من احتمالات سنَجعلها تَرجح لنَقبلَ بها، إلا النَّجاح.
أن تَجري الانتخابات وسط ظروف استثنائية غير مَسبوقة – وباء كورونا – الذي يُضاف إلى جُملة تَحديات مُواجهة الإرهاب الصهيوتكفيري والإرهاب الاقتصادي الأميركي الأطلسي، فَستكون الانتخابات التَّحدي الذي يُوجه شعبنا من خلاله أقوى الرسائل وأبلغها إلى قوى البَغي والعدوان. سيَفعل بكل تأكيد.
أن تَجري الانتخابات وسط حالة مُعقدة من التَّجاذبات على نتوءات حافة الخطر الذي يُهدد بانهيارات كُبرى، وفي ظل اشتباك سياسي إقليمي دولي مُحتدم، فإنّ التصميم السوري على إجرائها بموعدها، وإنجاحها، يُؤكد لمنظومة العدوان أنّ مُعادلات جديدة لم تَنشأ فقط بنتيجة الانتصار السوري، بل صارت هذه المُعادلات حاكمة، بمُوجبها تَرتسم مَلامح المرحلة القادمة، ووفقها ستتحدد أحجام اللاعبين على الحَلبة الدولية قبل أن تتم عملية الفرز التي ستَطوي صفحة المُتغطرسين.
ليس أمراً عادياً أن يَنجح السوريون – سيَنجحون – بتحدي إجراء الانتخابات التشريعية، وبإسقاط رهان الأعداء على العقوبات، الحصار، الإرهاب والاعتداءات المُتكررة، وكورونا، هو أمر استثنائي بالمَعنى الكامل، غير أنه ليس أمراً غريباً على السوريين، وقد اعترفت أطراف منظومة العدوان بقُدرات سورية وشعبها الخارقة، من حيث تدري أو لا تَدري عندما أقرّت بأن ما تَعرضت له سورية منذ 2011 لو تَعرضت دول عُظمى لجُزء منه لَسَقَطَ نظامها السياسي، وانهارَ اقتصادها، وتفككَ مُجتمعها.
نُدرك حجم التّحديات وخطورة الاستهداف، لكننا سنُقلِّبُ في دفاتر الوَجع، ونُعالج.. سنَقرأ في كتب الوطنية لنُضيف جديداً ونُعلِّم الآخرين، ففيها تَعلمنا كيف نَحمي سورية، وكيف نُعزز قُوتها، ومن المَكنوز فيها المُتراكم خبرات في ممارسة الاستراتيجيا، سنَنهل، نَستمد، ونُصوب لنَستكمل ما أُنجز، فنُحول العقوبات منصة للنهوض، نُصحح الأخطاء ونُطوق مَكامن الضعف فَنجعلها قاعدة انطلاق نحو الاكتفاء الذاتي وتَسجيل خطوات مُتقدمة بالإصلاح .. في الحكومة ومجلس الشعب، في المؤسسات والجامعات، في الحقول والمعامل، معاً في كتب الوطنية سنَقرأ.