ثورة اون لاين :
بفضل المتتبع الشمسي، وهو قمر اصطناعي مشترك لوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، أصدرت وكالة ناسا حديثاً أقرب الصور الملتقطة للشمس وبدت مذهلة حقّاً على الرغم من أنها ليست الصور الأعلى دقة، إذ كشفت عن شيء غير متوقّع، وهو ألسنة لهب صغيرة سميت «نيران المخيّمات» وبدت كأنها تغطي سطح الشمس.
وقال ديفيد بيرجمانز، الباحث الرئيس وعالِم الفيزياء الفلكية في المرصد الملكي لبلجيكا في بروكسل، في بيان لوكالة ناسا «إن نيران المخيمات التي نتحدث عنها تشبه الانفجارات الشمسية، لكنها أصغر منها بمليون مرة على الأقل، وربما أصغر بمليار مرة. وعند النظر إلى الصور الجديدة عالية الدقة، نراها في كل مكان ننظر إليه».
وعلى الرغم من أنّ أغلبية الموظفين في قسم المراقبة الأرضية في المركز الأوروبي للعمليات الفضائيّة في ألمانيا مضطرون للعمل من المنزل خلال جائحة كوفيد-19 الحالية، استطاع الفريق الحصول على الصور من المتتبع الشمسي عندما كان في أقرب نقطة له من الشمس في 15 حزيران من العام الحالي.
وكان المتتبع على بعد نحو 77 مليون كيلومتر من الشمس فحسب، وستكون أقرب نقطة له من الشمس في العام المقبل، إذ سيكون على بعد 42 مليون كيلومتر عنها فحسب، واقترب مسبار باركر الشمسي التابع لوكالة ناسا في حزيران أكثر من الشمس، إذ وصل إلى مسافة 18.7 مليون كيلومتر فحسب من سطحها.
ويتيح التحليق الأقرب التقاط صور أفضل، وقال دانييل مولر، عالم مشروع المتتبع الشمسي في وكالة الفضاء الأوروبية، لموقع ذا فيرج «نستطيع التقاط صور أقرب أو أبعد للشمس بالاقتراب منها أو الابتعاد عنها، فالكاميرا ليست مزوّدة بإمكانية تقريب الصورة».
وقالت هولي جيلبرت، عالمة مشروع ناسا المختصّة بهذه البعثة في مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا، في بيان لناسا «تعدّ هذه الصور غير المسبوقة للشمس الصور الأقرب التي حصلنا عليها في التاريخ، وستساعد هذه الصور المذهلة العلماء في تحليل طبقات الغلاف الجوي للشمس، وهذا مهم لفهم كيفية تأثيرها على الطقس الفضائي قرب الأرض وفي جميع أنحاء النظام الشمسي».
وما زال العلماء غير متأكدين من الطبيعة الدقيقة لهذه الشعلات «الصغيرة» التي تبلغ مساحة كلّ منها مساحة دولة على الأرض تقريباً.
وقد نحصل على معلومات إضافية قريباً بفضل الأدوات العلمية الأخرى الموجودة على متن المتتبع الشمسي، ويتيح التصوير الطيفي للبيئة الإكليلية للشمس بأداة سبايس قياس درجة الحرارة الدقيقة لكلٍّ من ألسنة اللهب الصغيرة هذه.
وقال فريديريك أوشير، الباحث الرئيس لعمليات سبايس في معهد الفيزياء الفلكية في أورساي في فرنسا، في بيان لناسا «ننتظر بفارغ الصبر مجموعة البيانات التالية، ونأمل برصد ألسنة اللهب الصغيرة وتحديد دورها في التسخين الإكليلي.
إن طاقة نيران المخيمات كلها تكفي لتسخين هالة الشمس. وبعبارة أخرى، تكفي طاقة التوهجات الصغيرة لتسخين الغلاف الجوي للشمس بالكامل.
والمتتبع الشمسي مجهّز بمجموعة كاملة من المعدات العلمية، وهي عشر أدوات مختلفة تتضمن الكاميرات وأداة سبايس وغيرها، وتجمع بيانات لا تقدّر بثمن عن الشمس.
ولم يكن العلماء يتوقعون العثور على أي شيء مذهل في الصور الأولى للمتبع الشمسي، ولكن بفضل جهاز تصوير الإشعاع فوق البنفسجي الأقصى، فوجئ الفلكيون برصد ما سمّوه «نيران المخيمات» على سطح الشمس.
ويأمل العلماء بالحصول قريباً على لمحة أقرب وأكثر تفصيلاً لبنية الرياح الشمسية، وهي تيارات ضخمة من الجسيمات المشحونة المنبعثة من هالة الشمس تشقّ طريقها عبر النظام الشمسي، ضمن تجربة أخرى.
وستتيح أداة أخرى للباحثين إلقاء نظرة غير مسبوقة على المجال المغناطيسي للشمس، وخاصة في قطبيها.