ثورة أون لاين – ريم صالح:
ما بين مد بريطاني وجزر أوروبي لاتزال محادثات ما بعد بريكست تراوح في مكانها، دون أن تحقق أي تقدم يذكر، لتكون الرؤية وفق القناعة السائدة لدى المفاوضين الأوروبيين، هي أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق حول مرحلة ما بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية الشهر، فيما طفت على السطح حديثا ظاهرة انتقال عدوى الانفصال أو الانسحاب لتصيب دولا أوروبية أخرى، كما هو الحال في إيطاليا اليوم، ما ينذر بخروج دول أخرى من الاتحاد الأوروبي، ليبدو ذلك أشبه بأحجار الدومينو التي تتساقط تباعا، وهذا ما يهدد بتفكك أوروبا، لاسيما وأن هذا الاتحاد قد عجز بالمطلق عن تلبية حاجات ورغبات الشعوب الأوروبية، ولم يكن على قدر من المسؤولية، خاصة في تعاطيه مع جائحة كورونا، التي أظهرت حجم الثغرات السياسية والفجوات الإنسانية التي تعتريه.
المفاوض البريطاني بشأن ملف “بريكست” ديفيد فروست قال في هذا الصدد إنه بات من الواضح أنه لن يكون من الممكن تحقيق هدف بلاده في التوصل إلى اتفاق مبدئي الشهر الجاري بشأن مرحلة ما بعد انسحاب بلاده من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف من الواضح بشكل مؤسف أننا لن نتوصل في تموز إلى تفاهم مبكر على مبادئ أي اتفاق محتمل، بعد انتهاء جولة مفاوضات في لندن.
نظيره الأوروبي ميشال بارنييه أكد بدوره أنه من خلال رفض بريطانيا الحالي الالتزام بشروط المنافسة المفتوحة والمنصفة، والموافقة على اتفاق متوازن بشأن صيد السمك، يجعل من التوصل إلى اتفاق تجاري في هذه المرحلة أمرا مستبعدا.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد أعلن الشهر الماضي أنه يود بأن تعرف دوائر المال والأعمال في بريطانيا بحلول نهاية تموز إن كان من الممكن التوصل قريبا إلى اتفاق أم أنه سيكون عليها الاستعداد لانفصال غير منظّم بموجب اتفاق عند انقضاء فترة ما بعد بريكست الانتقالية في 31 كانون الأول المقبل.
والجدير ذكره أن بريطانيا غادرت التكتل رسميا بعد عضوية استمرت 50 عاما في 31 كانون الثاني الماضي، لكنها لاتزال تجري معاملاتها بشكل واسع وكأنها لاتزال عضوا في التكتل.
وتهدف المحادثات الجارية للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن التجارة وغيرها من المسائل على غرار حقوق الصيد وقواعد حماية البيانات.
لكن شهورا من المحادثات لم تفض إلى تحقيق تقدم يذكر إذ ترفض بريطانيا القبول بالعديد من الشروط التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي للوصول بشكل مفتوح إلى سوقها الاقتصادي.
عدوى “بريكست” يبدو أنها انتقلت إلى إيطاليا، حيث أعلن عضو في مجلس الشيوخ الايطالي تأسيس حزب سياسي يهدف إلى إخراج ايطاليا من الاتحاد الأوروبي.
وكالة فرانس برس ذكرت في هذا السياق أن جان لويجي باراغونه وهو صحفي تلفزيوني سابق قدم حزبه الذي أطلق عليه “ايطاليكست” بعد يومين على اجتماع عقده في لندن مع رئيس حزب “بريكست” نايجل فاراج الذي لعب دورا حاسما في قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
وأشار باراغونه إلى استطلاع أجراه معهد بييوبلي في أواخر حزيران الماضي أظهر أن قرابة 7 بالمئة من الايطاليين سيصوتون على الأرجح لصالح حزب يقود حملة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي وقال إن الإجماع سيزيد فحسب في ظل الأكاذيب التي تقولها لنا أوروبا.
بدوره لفت المحلل السياسي وخبير الاستطلاعات ريناتو مانهايمر إلى أن مشاعر الايطاليين تجاه الاتحاد الأوروبي تغيرت كثيرا في الأشهر القليلة الماضية، رغم أننا مازلنا أقل الدول ثقة ببروكسل، مشيرا إلى أن ما اعتبر فشلا أوليا من جانب الكتلة الأوروبية للاستجابة بسرعة لفيروس كورونا المستجد في ايطاليا أثار غضب وخيبة الشعب فيها.