ثورة أون لاين – دينا الحمد:
أزمات كبيرة وعاصفة ما زالت تواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل الانتخابات الرئاسية بأشهر قليلة، وتنذر بخسارته لولاية ثانية، وتتلخص بعناوين متعددة باتت تتصدر المشاهد في الولايات المتحدة، وترخي بظلالها عليها، ومنها تفشي العنصرية، وانتشار وباء كورونا، ووقوف أميركا وعملتها من الدولار على حافة الانهيار الاقتصادي.
تفشي العنصرية هو العنوان الأبرز، فقد باتت هذه الظاهرة تنخر المجتمع الأميركي بسبب ما رافقها من احتجاجات غير مسبوقة بعد مقتل جورج فلويد، حيث عمت أنحاء الولايات المتحدة مظاهرات واسعة احتجاجاً على عنصرية الشرطة الأميركية وجرائمها، وبسبب التمييز والشعور بالتهميش لدى الأميركيين من أصول إفريقية، إضافة إلى تراكمات أخرى فجرت الأوضاع، الأمر الذي أدى إلى جدال واسع النطاق داخل المؤسسات الأميركية، التي شرعت بمحاولة إعادة النظر بالممارسات العنصرية التي طبعت ماضي أميركا ولا تزال ماثلة في المجتمع وإعادة النظر في تاريخ البلاد ومسألة العبودية.
واللافت للانتباه أن الأميركيين أنفسهم باتوا يقرون بهذه الحقائق، ويعترفون أن إدارتهم هي التي أوصلتهم إلى الدرك الأسفل من الجوع والعنصرية والانهيار، وباتت مراكز البحوث واستطلاعات الرأي والجامعات تنقل الأسباب التي أوصلت الولايات المتحدة إلى هذه الدرجة من السقوط الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي.
ومثل هذا الكلام ليس من بنات أفكارنا بل هو حقيقة دامغة باتت تنقلها الصحافة الأميركية ذاتها وتكشف عن دقائقها استطلاعات الرأي، ومنها استطلاع جديد نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية وكشف أن 56 بالمئة من الأميركيين يعتبرون المجتمع الأميركي عنصرياً.
وبين الاستطلاع أن نحو ثلاثة أرباع الأميركيين أي 71 بالمئة يرون أن العلاقات المرتبطة بالعرق سيئة، وأن الأميركيين من مختلف الأعراق والفئات العمرية تراودهم مخاوف كبيرة بشأن التمييز، وأعداد الذين يرون أن ذوي البشرة السوداء والأميركيين اللاتينيين يتعرضون للتمييز في تزايد.
ولعل المفارقة الصارخة اليوم أن ترامب الذي يطارد مواطنيه في الشوارع، وتمارس شرطته كل أشكال العنصرية والتمييز بحقهم، وترتكب أبشع الجرائم ضدهم، ما زال يتشدق بدفاعه عن حقوق الإنسان في بلاده وفي العالم، متناسياً أن مواطنيه أنفسهم باتوا يتحدثون عن عنصريته، وعن جرائم بلدهم وعنصريتها، وما تنقله مراكز البحوث والصحافة واستطلاعات الرأي الأميركية خير شاهد.
