الثورة أون لاين – نهى علي:
لم تعد التشابكات الماليّة هي مشكلة الواجهة في علاقة جهات القطاع العام مع بعضها البعض، ولا مشكلة تنازع الصلاحيات أيضاً، والتي غالباً ما تظهر بسبب تداخل الاختصاصات، خصوصاً عندما يكون هناك نزوع نحو الشخصنة في ذهنيات الإدارات القائمة على هذه المؤسسة أو تلك، وعندما تغيب حالة التسليم بالقناعة البديهية وهي أن القطاع العام واحد ومرجعيته واحدة بما أنّ تمويله من مصدر واحد وكذلك عائداته التي تذهب في طريق واحد وهو الخزينة العامّة للدولة.
بل هناك نوع جديد من التنازع ظهر على السطح مؤخراً، وهو تنازع الملكية، والذي يبدو أنه امتداد لتنازع حيازة الأملاك البحريّة بين عدّة جهات لها أذرع وأعمال في مناطق الأملاك البحرية، والجديد في هذا الاتجاه هو مشكلة المبنى الاستثماري والأراضي المحيطة به في المنطقة الحرة المرفئية باللاذقية، الذي عاد إلى واجهة اجتماعات الوزارات المعنية (النقل – السياحة – الاقتصاد والتجارة الخارجية)، فعلى الرغم من أنّ موضوع استثمار المبنى مطروح ما بين الجهات المعنية منذ زمن بعيد، لكن ما يحصل في الاجتماعات المقرّرة لوضع هذا المبنى في الاستثمار هو أن كلّ جهة من هذه الجهات تريد أن تكون هي المشرفة عليه، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن أرض المبنى تابعة لشركة مرفأ اللاذقية، لكن المبنى هو للمناطق الحرة، والملفت في الموضوع أن هذا المبنى مطروح للاستثمار منذ أكثر من عشر سنوات، وحتى هذه اللحظات لم تستطع أيّ من هذه الجهات الاستفادة منه بالشكل الأمثل!.
كلّ من هذه الجهات تسعى للاستحواذ على المبنى لأغراض تتعلق بأعمالها واختصاصاتها، وبحسب المراسلات والكتب بين الجهات الثلاث المذكورة، فإنّ وزارة النقل تريده لمصلحة المؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري، أما السياحة فتريده منشأة سياحية مستثمرة من قبل القطاع الخاص، فيما ترغب وزارة الاقتصاد بأن يكون لمصلحة المناطق الحرة، مع الإشارة إلى وجود عدّة توصيات اقتصادية تؤكّد وجوب وضع هذا المبنى في الاستثمار بأسرع وقت ممكن.
المشكلة رغم قدمها نسبياً إلا أنّها ليست عصيّة على الحلّ، وقد توصّلت الجهات المعنية إلى اتفاق مبدئي بينها يفضي إلى حلحلة هذا الملف من خلال الاجتماع الذي تمّ بينها مؤخراً، بخصوص قضية هذا المبنى حيث تمّ الاتفاق على وضع رؤية مشتركة لاستثمار المبنى من خلال إعادة طرحه للاستثمار للمرة الأخيرة بموجب الإعلان الذي سيصدر عن وزارة السياحة قريباً، وذلك بعد إعداد توظيف جديد للمبنى القائم يتضمّن فعاليات سياحيّة وتجاريّة وترفيهيّة وفق قرارات المجلس الأعلى للسياحة، وإعداد دفاتر شروط خاصة باستثماره تتضمّن الإضافات المذكورة والترويج بالشكل الأمثل لاستثماره، وذلك تطبيقاً لمضمون الموافقة على توصية اللجنة الاقتصاديّة رقم 53.
كما تمّ الاتفاق على أنّه في حال عدم تقدّم أيّ من المستثمرين لاستثمار الموقع من خلال الإعلان الذي سيصدر عن وزارة السياحة، سيتمّ دراسة مقترح وزارة النقل بتخصيص المبنى للمؤسسة العامة للتدريب وفق دراسة جدوى اقتصاديّة مقدّمة من قبلهم والتوافق عليها إن كانت مجدية، وفي حال التأكد من عدم وجود جدوى من مقترح وزارة النقل يتمّ دراسة مقترح وزارة الاقتصاد بتوظيف المبنى كمكاتب إدارية وفعاليات اقتصاديّة مناسبة وطرحه أمام المهتمين بذلك وبالتوافق مع الجهة المالكة.
بالعموم المبنى له خصوصية مكانيّة تجعله مؤهّلاً كمكان سياحي جاذب، إلا أنّ طابعه العمراني أخذه باتجاه خاص نحو المؤسسة العامة للمناطق الحرة التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجيّة، لما يحمله من دلالة عمرانيّة تخصّ هذه المؤسسة.