افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
شبحُ عملية أفيفيم 2019 كان يُخيِّم على قادة جيش الاحتلال الصهيوني وحكومة نتنياهو عَصرَ يوم 27 تموز 2020، أم عِبر وتَوصيات لجنة فينوغراد التي صدرت بعد عدوان تموز – آب 2006 كان يَستحضرها الجنرالات والضباط الصهاينة؟ أم الاثنين معاً؟.
المُواجهة المَزعومة التي لم تَقع في مزارع شبعا، الاشتباكاتُ الوهمية التي لم تَحدث على تلال المزارع، الرواياتُ والبيانات الصهيونية المُتضاربة المُتناقضة التي كانت خلال دقائق قليلة تَنسف إحداها الأخرى، إن كان لها من مَدلولات عميقة فإنما هي الترجمة الفورية والمُباشرة لحالة هلع تُسيطر، ولحالة رُعب تَسود، ولوَضع نفسي لا يُحسد عليه الصهاينة.
يَنبغي استخلاص الكثير مما جَرى خلال ساعات قليلة – بالأمس – لا ليَتأكد فعلياً أنّ الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت، ولا لإبراز حالة الخوف التي تَلفه كياناً إرهابياً ومُجتمع تطرف، بل لترسيخ حقيقة أن هذا العدو الجبان المُتغطرس المَدعوم أميركياً وأطلسياً هو نَمر من ورق، هو كيان مَهزوز تَحفر الهزيمة عميقاً في وَعيه.
السرابُ الذي كَشفه بيانُ المقاومة الوطنية اللبنانية بعد صَمتها الذي فعلَ فعله بالصهاينة في إطار الحرب النفسية التي مارستها، لم يَجعل الكيان مَثاراً للسخرية فقط، إنما جَعله مُجرداً بلا مَعنويات، وأظهرَه على التوتر كله الذي يَعيشه، فضلاً عن أنّ بيان المقاومة كشفَ مَقادير التّخبط على مُستوى القيادة والأركان في الكيان الغاصب، ومَقادير الرّعب على مُستوى مُجتمع المستوطنين وقطعانه.
لعل من أهم ما يَنبغي التوقف عنده استخلاصاً للنتائج، للعبر والدروس مما جرى خلال ساعات الوَهم والتّخبط الإسرائيلية، هو ما قاله الصهاينة – عسكريون، سياسيون، وإعلاميون – في أثناء المُواجهة التي لم تَقع، وبَعدَها، ليس أهمها ربما ما قيل من أنّ أمام الكيان أيام صعبة وأوقات عَصيبة، هو الأمر الذي يُشير بوضوح لتَهيبهم المُواجهة والحرب وعدم جاهزيتهم لها، وهو ما صرّح به غير مسؤول بجيش الاحتلال وحكومة العدو.
وربما من أهم ما يُمكن عَرضه من خُلاصات في هذا السياق، هو أنّ رعب عملية أفيفيم 2019 ما زال يُسيطر ويُخيم، بل إنّ ذلك الرعب يُقيم بأعماق قادة جيش الاحتلال رغم امتلاكه أداة عسكرية مُتفوقة وتَرسانة لا يُستهان بها، وهو ما يُؤكد أنّ الثقة بالنفس تُساوي الصفر، وأنّ الثقة بالجندي الصهيوني تُلامس العَدَم.
الأكثرُ أهمية ربما هو أنّ المُجتمع الصهيوني المُتطرف الذي بدا في حالة انهيار، قد تابع وسائل إعلامه بشَغف، لكن من دون ثقة من بعد الضَّياع الذي صَنعته الروايات المُتضاربة المُتناقضة، وهو ما عززَ فيه مُجدداً مَشاعر الخوف والقلق والتوتر التي من المُتوقع أن تُترجمَ لاحقاً احتجاجات في الشارع ضد حكومة نتنياهو، إن لم يَكن باتجاهات أُخرى باتت تُطرح كخيار حتمي لا مَفر منه، وقد بدأت فعلياً عملية حَزم الحقائب في أوساط مُجتمع المُستوطنين.
ما حصلَ بالأمس، سيُكتب فيه الكثير، سيُؤسس لمُعادلة جديدة، ومن المُهم الإشارة إلى أنّ العدو الصهيوني ذاته تتكون لديه بتَسارع كبير الخَشية الحقيقية من أنّ المَعركة القادمة ستَجري في مكان آخر، داخل الكيان، ربما أبعد مما يَتصور قادته وجنرالاته!.