ثمة خصوصية معينة تحكم الانتخابات الاميركية وللوقوف عليها لابد من العودة للدستور الاميركي فالمعروف ان الدستور الاميركي الذي أقر عام 1787 بين الآليات والشروط التي تحكم انتخاب الرؤساء الاميركيين ونوابهم ثم جاءت النصوص المحددة لاختيار النواب في الحكومة الفيدرالية والولايات المنضوية تحت قيادتها وبالعودة لانتخابات الرئاسة نشير الى ان الدستور الاميركي اشترط في من يترشح للرئاسة الاميركية ان يكون اميركي الجنسية والولادة وان لا يقل عمره عن خمسة وثلاثين عاما ويكون مقيما فيها اربعة عشر عاما وهي ذات الشروط التي يجب ان تتوفر في المرشح لمنصب نائب الرئيس عدا ان لا يكون من ذات الولاية التي ينتمي إليها المرشح للرئاسة أما بالنسبة للمترشحين لمجلس الشيوخ فيجب أن لا يقل عمر المترشح عن ثلاثين عاماً وأن يكون مقيما في الولايات المتحدة مدة لا تقل عن تسعة أعوام إضافة لجنسيته الأميركية أما المترشحين لمجلس النواب فيجب أن لا تقل أعمارهم عن خمسة وعشرين عاماً وأن لا تقل مدة إقامتهم في الولايات المتحدة عن سبعة أعوام إضافة لجنسيتهم الاميركية ،وبالعودة لآلية الانتخابات الرئاسية لابد للإشارة إلى أن الشعب الأميركي لا ينتخب الرئيس بشكل مباشر وإنما بطريقة غير مباشرة وعبر ما يطلق عليه المجمع الانتخابي أو الكلية الانتخابية (الكوليج)الذي يتشكل من 538 صوتا تمثل كافة الولايات بالقياس لعدد سكانها وناخبيها وهو مطابق لعدد أعضاء الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ والمعروف أن عدد النواب لكل ولاية يأتي بالقياس لعدد السكان أما عدد أعضاء مجلس الشيوخ فتتساوى فيه كل الولايات بعيداًعن عدد سكانها أي شيخان لكل ولاية وهو ما يعطي نوعاً من التوازن بين الولايات الاميركية صغيرها وكبيرها .
لقد كان الدستور الاميركي الحالي قبل التعديل ينص على أن المجلس التشريعي في كل ولاية هو الذي يحدد أسماء ممثلي الولاية في المجمع الانتخابي الذي ينتخب الرئيس إلا أنه جرى تعديله لاحقا وهو المعمول به حاليا فأصبح كل حزب يحدد أسماء مرشحيه للمجمع الانتخابي فتجري عملية الاختيار على هذا الاساس عندها يصبح الحزب الذي يحرز مرشحوه الأكثرية حاصلاً على كافة أصوات المجمع الانتخابي مهما كان الفارق صغيراً فيما بينهم ولعل هذا الأسلوب هو الذي يحقق التوازن بين الولايات الصغيرة والكبيرة إلى جانب المساواة بين الولايات في عدد أعضاء مجلس الشيوخ .
وبالقياس لما سبق يفوز المرشح لمنصب الرئاسة عند حصوله على 270 صوتاً من مجموع أصوات المجمع الانتخابي لمجموع الولايات ولعل المفارقة هنا تكمن في أنه يمكن أن يفوز بالرئاسة الاميركية من يحصل على أصوات ناخبين عددي أقل من أصوات الناخبين الكبار أي ناخبي المجمع وهو ما حصل مع الرئيس الاسبق جورج بوش الابن ومنافسه ال غور في انتخابات عام 2000 وهذا يحصل عندما يكون الفارق في الأصوات كبيراً بين المترشحين في الولايات ذات الكتلة السكانية الكبيرة ككاليفورنيا التي تبلغ حصتها في المجمع الانتخابي 55عضواً مثلاً ومتقارباً في ولايات قليلة السكان كمونتانا التي تبلغ حصتها ثلاثة اعضاء فقط في المجمع الانتخابي بحيث يذهب مجموع أصوات المجمع الانتخابي للفائز فيها .
وفي حال تساوى المرشحان للرئاسة في عدد أصوات المجمع الانتخابي فإن مجلس النواب الأميركي هو الذي يقوم باختيار الرئيس من بين ثلاثة مرشحين فازو ا بأغلبية الأصوات بحيث تتم تسمية نائب واحد عن كل ولاية من الولايات الخمسين ويتم الاقتراع السري بينهم ويكون الرئيس الاميركي من يحصل على أكثرية الأصوات أما نائب الرئيس فيتم اختياره في هذه الحالة من مجلس الشيوخ من بين مرشحين اثنين ،بقي أن نشير إلى أن الانتخابات الرئاسية الاميركية تجري في الثلاثاء الاول من شهر تشرين الثاني علماً أن تنصيب الرئيس الفائز يتم في العشرين من كانون الثاني أي في بداية العام الجديد وقد اتفق على ذلك التوقيت مراعاة لموسم الحصاد في اميركا وهو ما كان متبعاً منذ نهاية القرن الثامن عشر بحيث يتمكن السكان والمؤسسات من ممارسة هذه العملية الديمقراطية دونما انعكاس لها على موسم الحبوب الوفير في بلاد العم سام ؟إنها الديمقراطية الأميركية !!!!
إضاءات- د. خلف علي المفتاح