يغرق نفسه في الوهم والوحل أيضاً كل من يعتقد أن الغرب الاستعماري يمكن أن يتغير أو يغير جلده أو يتحول إلى منقذ لهذه الدولة أو تلك في وطننا العربي دون ثمن باهظ يدفعه شعبها من حريته وسيادته واستقلاله وأمنه وثرواته ومستقبله، حتى ولو تلطى هذا الغرب بإرثه الاستعماري العدواني خلف شعارات جذابة براقة كالحرية والديمقراطية والعدالة…إلخ، وأظهر حرصاً خادعاً على حقوق الانسان وقدم وعوداً بالعون والمساعدة وما شابه، لأن من فُطر على شريعة العدوان والقتل والإرهاب والتدمير والاحتلال لا يمكن أن يتحول بين ليلة وضحاها إلى حركة تحرير أو حمامة سلام أو داعية عدالة، وما عاناه وطننا العربي من هذا الغرب بصورة خاصة خلال قرون مضت يقدم أدلة لا يمكن دحضدها بأي شكل من الأشكال.
فرنسا التي كانت شريكاً وداعماً للإرهابيين في سورية خلال تسع سنوات مضت، وطرفاً مباشراً في تدمير ليبيا وإسقاط نظامها الشرعي وتسليمها لعصابات إرهابية مجرمة أوغلت في قتلها وإجرامها بحق الليبيين، لا يمكن أن تتحول مع مراهق السياسة الفرنسية مانويل ماكرون إلى إرادة خيرة في لبنان بعد تفجير بيروت المروع.
يعتقد ماكرون ومن أرسله على جناح السرعة أن لبنان الذي هاله الحادث المروع سيتصرف بطريقة مختلفة، بحيث يرهن سيادته ويبيع مقاومته صاحبة الفضل في التحرير مقابل ما تقدمه دول الغرب ومحظياتها الخليجية من مساعدات، وربما شجعته بعض الأصوات النشاز التي سمعها وهي تتسول عودة الانتداب والوصاية على سابق عهده بعد 76 سنة من الاستقلال والحرية.
يبدو أن مراهق السياسة الفرنسية ومن أرسله لم يدركا بعد أن في لبنان شعب مقاوم هزم الكيان الصهيوني والإرهاب وأرسى معادلات ردع من الصعب تغييرها.
سيّد المقاومة طمأن جمهوره بالأمس بقوله “لا تقلقوا”، لأن المقاومة بخير لم تنقص قوتها ولم تفتر عزيمتها، وهذا القول ترجمته الفعلية “أن على المراهنين على كسر لبنان وهزيمته أن يقلقوا وحدهم”…!
نافذة على حدث – عبد الحليم سعود