بعيداً عن التصريحات والتأويلات حول ما يدور في الأوساط السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية منها والعالمية، والتي تقول بأن جائحة كورونا التي ضربت العالم هي مؤامرة أو حرب بيولوجية، يجب الاعتراف بأن عبارة “العالم قبل كورونا غيره ما بعد كورونا” بدأت تصبح واقعاً يومياً نعيشه بتفاصيل كثيرة، ولايمكن أن نتجاهل التغييرات التي تطرأ على حياتنا في كل يوم في ظل شبح الموت الذي بات سيد الموقف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعدد النعيات التي تطالعنا كلما حاولنا الهروب إلى صفحاتها في محاولة يائسة للوصول إلى بريق أمل في الخلاص من تلك الجائحة الخبيثة.
ربما ليست الجائحة الوحيدة التي تعرضت لها المجتمعات عبر التاريخ، ولكن أظنها الأسوأ، نظراً لما تخلفه من تبعات على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي أيضاً، فكثيرة هي السلوكات والعادات التي بدأ الناس بالتخلي عنها واستبدالها، وظهرت مفاهيم ومصطلحات جديدة “التباعد الاجتماعي، الحظر الصحي، مسافة أمان ..”.
وبدأت العائلات تنغلق على نفسها في واحدة من أساليب الوقاية، وباتت من جديد وسائل التواصل الاجتماعي”بعجرها وبجرها” سيدة الموقف.
وهنا نتوقف عند أهمية توثيق تلك اليوميات التي نعيشها في تفاصيلها الكبيرة والصغيرة، وحجم التحولات والتغييرات التي طرأت على البشر في ظل انتشار هذا الوباء، وتصوير مشاعرهم وسلوكاتهم وانعكاسه على قراراتهم ونتاجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكيفية تعاطي المثقف مع هذه الحالة الطارئة.
هذا التوثيق ربما يصبح في يوم ما مرجعاً لأصحاب الشأن لتحليل أثر الأزمات على الإنسان، فلا يمكن للمثقف إلا أن يكون ابن بيئته والشاهد الأول على الأحداث، وخصوصا عندما يكون الحدث بحجم وباء يمكن أن يغير وجه العالم.
والجانب الآخر، أين دور المثقف في نشر الوعي وبث الطمأنينة بين الناس الذي يقودهم إلى بر الأمان، ولكن هيهات فلا نسمع من أصواتهم إلا رجع الصدى.
ولكن ومهما طال عمر هذا الوباء، لا بد سيأتي يوم ويجر ذيول الخيبة ويرحل، لنعيد بعد ذلك ترتيب أولوياتنا، ونعيد تحصين أنفسنا، ليس هذه المرة ضد الوباء، بل لرأب الصدع في شروخ كثيرة أصابتنا في شخصياتنا وقناعاتنا وثقافتنا.
رؤية – فاتن أحمد دعبول