ثورة أون لاين-منهل إبراهيم:
كلف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خزينة بلاده أموالا ونفقات ورحلات لحشد تأييد دولي لمساعي بلاده من أجل تمديد الحظر على الأسلحة لإيران، لكن الملفت والمضحك في نفس الوقت كان السقوط المدوي لأمريكا في حلبة مجلس الأمن.. وكذلك مسألة أن الدول التي سارعت لتأييد واشنطن لا وزن لها إقليميا ولا دولياً وسط التخلي الأوروبي ولو تم التعبير عنه بالصمت.
ويبدو أن العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين ستشهد تغيرا.. حيث ذهب بومبيو شمالا وجنوباً شرقا وغربا، وكان شبه متأكد من أن حلفاء بلاده الأوروبيين سيصوتون لصالح قرار تمديد الحظر.. لكن في النهاية كان التصويت في مجلس الأمن بمثابة الصفعة التي استفاق الأميركي على إثرها من وهم أنه ما زال المتحكم الوحيد بالسياسات على مستوى العالم.
وبالتالي هناك مراجعات واسعة وكثيرة على الإدارة الأميركية القيام بها لإعادة تقييم سياساتها التي جعلت حلفاءها قبل خصومها يبتعدون عنها.
لاشك أن أميركا تدرك بأنها لا يمكنها استخدام آلية الزناد (العودة التلقائية للحظر على إيران) .
هذا ما قاله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف “إن آلية الزناد الأميركية غير قانونية بحيث لا يمكن القبول بها والأميركيون يعلمون هذا الأمر”.
في الثامن من مايو عام 2018 أعلن جون بولتون في منتهى التبختر بأنهم دمروا الاتفاق النووي وسيدمرون إيران في غضون 3 أشهر وقال في تصريح صحفي في البيت الأبيض بأنهم ليسوا عضوا في الاتفاق النووي بعد الآن ليستخدموا آلية الزناد.
والتصريح مازال موجودا في الموقع الالكتروني للبيت الأبيض إلا إذا بادروا إلى شطبه.
لاشك أن فشل الولايات المتحدة في تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بتمديد حظر التسليح على إيران وضعها من جديد في “عزلة مذلة” بحسب رأي موسكو.
مرة أخرى وجدت الولايات المتحدة نفسها في عزلة مذلة.. وفشل مشروع قرارها الذي قدمته إلى مجلس الأمن الدولي بشأن حظر غير محدود من الناحية الزمنية على إمدادات الأسلحة لإيران وذلك يشكل ضربة قوية لمكانة وهيبة الولايات المتحدة.
إن سقوط مشروع قرار واشنطن لتمديد الحظر على الأسلحة لإيران بالتصويت العادي وليس الفيتو يعني أن الكثير من سياسات الولايات المتحدة تحتاج للمراجعة.
في الحقيقة لم يرغب الأوروبيون بإغضاب إدارة ترامب كثيرا فامتنعوا عن التصويت، غير أن مجرد الامتناع عن التصويت يشكل بذاته رسالة قوية لواشنطن بعدم تحمل تبعات التماهي المطلق مع سياسات ترامب، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي.. فالأوروبي يدرك بأن واشنطن هي التي انسحبت من الاتفاق.
وعلى ضوء كل هذا، كان من الطبيعي لجوء إدارة ترامب إلى التهديد والوعيد بفرض إجراءات حظر أحادية ضد إيران.
لقد بات من الطبيعي أن السقوط الأميركي في مجلس الأمن سيؤثر على أي تحرك أميركي جديد في سياق الاتفاق النووي .
وكان مجلس الأمن الدولي رفض مشروع القرار الأمريكي بهذا الشأن بعد استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضده فيما امتنعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا و8 دول أخرى عن التصويت ووحدها الولايات المتحدة وجمهورية الدومينكان صوتتا لصالحه.
