الثورة أون لاين – دينا الحمد:
تعود هذه الأيام ظاهرة التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني إلى الواجهة، ويستغل الكيان الصهيوني ومن خلفه الإدارة الأميركية العدوانية انشغال العالم بأزماته المتفجرة، وكذلك بمرور المنطقة بمرحلة انسداد آفاق الحلول السياسية لقضاياها وخاصة القضية الفلسطينية، وغياب أي دور دولي فعال لإعادة الحقوق الفلسطينية، أو حتى تنفيذ بند واحد من بنود القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الصهيوني، يستغل ذلك لتمرير مخططاته التطبيعية التي تخرجه من عنق الزجاجة وتمده بأسباب الحياة من جديد بعد دخوله بأزمات كبيرة تهدد وجوده الاستيطاني.
التطبيع المجاني الذي تحاول واشنطن تكريسه اليوم هو بمثابة منح مكافأة للكيان الصهيوني من دون أن يعترف هذا الأخير بالحقوق العربية أو ينسحب من الأراضي العربية التي يحتلها، أي أنه تطبيع بشروط المحتل أي شروط الكيان الصهيوني، كما حصل قبل ذلك في اتفاق أوسلو الذي أدخل القضية الفلسطينية في نفق مظلم، وأجهز على ما تبقى من حقوق للشعب الفلسطيني.
إن سموم التطبيع التي تدس هذه الأيام بجسد الأمة، والتي يلهث وراءها الكيان الصهيوني ورئيس حكومته الإرهابية المأزوم بنيامين نتنياهو ومن خلفه الرئيس الأميركي المأزوم بدوره دونالد ترامب، والغارق حتى أذنيه بأزمات العنصرية وكورونا، تريد تحقيق أكثر من هدف وضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.
فالكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة الأميركية يريدان تمرير صفقة القرن التي يرعاها أصحاب الرؤوس الصهيونية الحامية في واشنطن، والتي تسعى لطمس حقوق الشعب العربي الفلسطيني، وطي حق العودة والقرار الدولي الذي صدر من أجله، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث تم تشريدهم في دول العالم قاطبة.
وليس هذا فحسب بل أيضاً طي صفحة القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية تحت ذريعة تحقيق الاستقرار في المنطقة ونشر الربيع المزعوم في ربوعها، والتمهيد لاغتصاب ما تبقى من فلسطين من خلال ضم أراض جديدة في القدس والضفة الغربية المحتلين للكيان الغاصب كما هي خطة الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة المعلنة منذ شهور.
كما أن خطوات التطبيع اليوم تسعى أيضاً لنسف حل الدولتين ليطمئن الكيان الغاصب على مستقبله الاستيطاني، وللأسف دوماً بتمويل عربي وبترويج لتلك الصفات ومباركتها من قبل إعلام البترودولار الفارغ من أي مضمون قومي وعروبي.
اليوم يتسابق إذاً الكيان الإسرائيلي الغاصب ومن خلفه واشنطن والمتصهينين العرب لتصفية القضية الفلسطينية، لكن الذي غاب عن ذهن حكام أميركا والكيان الصهيوني والمطبعين من العرب أن الفلسطينيين وكل العرب المقاومين للهيمنة الأميركية الصهيونية سيطوون خطوات التطبيع المجاني إلى غير رجعة، ومصير الصفقات الأخرى المشابهة التي دفنت كصفقة القرن خير شاهد.