«النمر الأبيض» والعبور من الظلام إلى النور

 الملحق الثقافي:محمد خالد الخضر:

يمازج أرافيند أديغا في روايته «النمر الأبيض» بين الموضوعية والذاتية، وعلى الرغم من هذه الممازجة بين أشكال متعددة في البناء الروائي، إلا أن الأسلوبية العفوية السلسة بصوغ عباراته السردية تعكس تلك الذاتية المنغمسة بواقع المؤلف على العمل.
في الرواية تظهر شخصية المؤلف كبطل رئيس في تسلسل الأحداث التي جرت في الهند، وكانت في تركيب العمل بشكل أساسي وفي حالات النقد الاجتماعي اللاذعة.
يرى مترجم الرواية الأديب المترجم حسام الدين خضور أن أهمية ترجمة هذه الرواية تأتي من رؤيته بضرورة الإضاءة على جوانب تؤسس مفاعيل وعي لدى الأجيال كقيمة موضوعية وثقافية متلازمة مع القيمة الجمالية، التي لا تأتي إلا من حرص المترجم على تقديم ما يغني ويبني.
في الرواية تتعدد المشاهد وتتفرع عبر المساحات التي يعمل فيها الروائي التقاطاته المشهدية، لكن المشهد الرئيس في الرواية هي الطبقة الاجتماعية وشدة التباين بين طبقتين؛ الأولى تعيش رفاهية عالية والأخرى تعيش في فقر كبير. في الوقت الذي لعب المترجم دوراً كبير في تقنية الصياغة السردية إلى اللغة العربية، لتكون الرواية قريبة من القارئ بغض النظر عن مستواه الثقافي نظراً لأهمية الفكرة المطروحة على الصعيد الإنساني.
ومن هذا الظلام تنبلج جملته السردية لتحيك بمكاشفة ومرارة صرختها بمنظور ساخر إلى الصراع الطبقي في الهند؛ حيث اعتمد الكاتب الخطف خلفاً عبر رسائله إلى رئيس وزراء الصين، والتي يصور فيها شخوص سرديته بحيوية معتمداً على الواقع وأمراضه الاجتماعية.
يتقصى الكاتب التفاصيل التي يعيشها المواطن الهندي البسيط ومعاناته وآلامه وإنسانيته المستلبة من قبل أصحاب الثروات الطائلة، التي كونوها عبر استيلائهم على الثروات الطبيعية للبلاد، وبطل الرواية «بلرام» أو «النمر الأبيض» هو أحد هؤلاء البسطاء، أطلق عليه مصطلح «نصف مخبوز» كناية عن نصف المتعلم الطامح إلى العبور من عالم الظلام إلى عالم النور ليحقق إنسانيته.
يستثير الكاتب في القارئ أسئلته عنوان معايشته الحياتية وعنوان موضوعه الروائي، ليكون ثنائيات الأسئلة بأبعادها النفسية والاجتماعية وحوامل قيمها.
وينتقل بطل الرواية من مكان إلى مكان لتحقيق أحلامه متحدياً الازدحامات المرورية التي تشل الحركة. ويبدأ «بلرام» تعلّمه من جديد. ويتجه إلى منظومة أخلاقية غير التي كان عليها، بغية الوصول إلى تحقيق أمل آخر يراه أكثر ملاءمة للإنسان.
هذه الرواية المترجمة الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب تعكس صورة واقعية، يستنهض الكاتب من خلالها بتوصيفه لشخوص سرديته مساحات توغل مجتمعية ونفسية بالمكون البيئي والاجتماعي، لتبرز من خلال التوصيف وتعكس بصورة قاسية كصفعة مكاشفة لمرآة صادقة تعكس صورة الهندي المعذب والمقهور.
يذكر أن المترجم حسام الدين خضور عضو اتحاد الكتاب العرب، وله العديد من المؤلفات في الترجمة والقصة، وهو مدير الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب.

التاريخ: الثلاثاء18-8-2020

رقم العدد :1009

 

 

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها