لطالما تنادت الأصوات والحملات الثقافية من أجل تكريس فعل القراءة، وتكريس الكتاب كخير صديق وأنيس، وساهمت دور النشر في منافساتها للسعي بأن تكون كل واحدة منها لها قصب السبق في استصدار أهم الكتب وجذب العديد من الكتاب لتزيد في أسهم قرائها، وتبارت أيضا في حفلات التوقيع لتعلن ثمرات نتاجاتها في أبواب الفكر والعلم والإبداع كافة.
وبعد كل ذلك، وفي لحظة قدر أعمى يأتي العالم الإلكتروني ليحتل مكانة كنا في زمن ليس بالبعيد نحاول تجاهله وعدم الانغماس في صفحاته، فالوباء.. ذاك الضيف الثقيل استطاع أن يقتحم حياتنا ويرسم نهجاً جديداً للحياة، وملامح جديدة للإنسان، وطرائق معينة في العيش، وأيضاً سلوكات فرضت علينا لنتقبلها في نوع من التعايش مع مستجدات ما يحدث في عالمنا من تطورات سواء منها الإيجابية أو السلبية.
ولأننا محكومون بالأمل فلابد أن نكون قادرين على مواصلة الحياة بخطاً ثابتة قادرة على تجاوز المحن، وتسخير تلك التقنيات الحديثة وتطويعها لتكون في خدمة أهدافنا وليست عدواً أو خصماً لدوداً لنا، وأن يكون هذا العالم الافتراضي طوع البنان، عالم نرسمه بوعي وإدراك دون أن نغرق في بحوره.
ولأن واقعنا الافتراضي بات أمراً محتوماً، اتجهت دور النشر لتسقط حمولتها بين ظهرانيه، في خطوة نحو تجاوز الأزمات واستعادة نبض الحياة وروحها، فإنساننا الاجتماعي يتمتع بروح الإيجاب ويسعى دائماً لإيجاد الحلول التي تخرجه من عنق الزجاجة.
ومهما يكن من شأن ما يحدث في المجتمعات وعلى الصعد كافة، فنحن على مفترق طرق فإما أن نكون أو لا نكون، وتلك قضية هامة تجعلنا نسعى للتسلح بالقدر الكافي من الوعي لاختيار ما يتواءم مع تاريخنا الثقافي وعراقة حضارتنا والتمسك بهويتنا وأصالتنا، والمحافظة على فعل القراءة إلكترونياً أو ورقياً، لأن الثقافة والعلم هما طريقنا الأمثل لنتربع وكما كنا دائماً على عروش المجد ولنا في سفره صفحات مشرقة.
رؤية – فاتن أحمد دعبول