الأكثر غرابة في مأساة مياه الشرب في الحسكة أن يصرح اليوم المنسق المقيم للأمم المتحدة في سورية أن مشكلة انقطاع مياه الشرب عن مدينة الحسكة تناقش على أعلى المستويات في مكاتب الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف بهدف استمرار الضغط الدولي لإعادة ضخ المياه إلى مدينة الحسكة.
ويأتي هذا الكلام في وقت تحولت فيه أزمة المياه في الحسكة إلى كارثة إنسانية في ظل فقدان مياه الشرب وعدم توافر المياه للاستهلاك ولاسيما مع تصاعد تفشي فيروس كورونا، وأصبح الأمر مكشوفاً أن الجانب التركي حوّل محطة مياه علوك لورقة ابتزاز للضغط على المواطنين من خلال حرمانهم من مياه الشرب.
وبما أن استهداف محطة الضخ تكرر كثيراً فإن ذلك يعني أنه حتى إذا تم الضخ في قادم الأيام فإن أي تشغيل لمحطة علوك دون تواجد دائم لعمال مؤسسة المياه الحكومية لا معنى له، وأن المشكلة مستمرة دون أي حلول، وبالتالي الحل الوحيد هو تحييد محطة مياه علوك وإيجاد آلية تضمن تدفق المياه منها على مدار الساعة.
الأمر هنا لا يقتصر على قطع المياه وتعطيش أهالي الحسكة وإنما الهدف الأساسي من هذه الحرب الجديدة للنظام التركي ومرتزقته هو تحقيق ما فشلت به كل أشكال الحروب السابقة عبر القتل والتدمير والتهجير.
والغريب أيضاً أن المعاناة كبيرة وتتفاقم كل يوم، وأن الجميع يدرك أن الحياة بلا ماء مستحيلة، ورغم ذلك يشهد العالم كله مأساة نحو مليون مواطن من مدينة الحسكة وتل تمر وعشرات القرى التي تعتمد على المصدر المائي الوحيد الذي يستهدفه باستمرار النظام التركي ومرتزقته دون أن يفعل أحد من دعاة الدفاع عن الإنسانية أي شيء ولو أضعف الإيمان ببيان أو كلمة تدين هذه الجريمة المستمرة. فكيف يمكن تصديق ما قاله المنسق المقيم للأمم المتحدة. وماجدوى الضغط الذي يتحدث عنه إذا لم يولد هذا الضغط انفجاراً في أروقة الأمم المتحدة لحفظ ما تبقى من ماء وجه مؤسساتها الدولية وهيئاتها ومنظماتها الإنسانية. ولذلك يبدو السؤال مشروعاً أي إنسان تريد الأمم المتحدة أن تدافع عنه وتحميه .. وما مواصفاته ولونه، والأهم من ذلك ماذا تريد منه أن يفعل كي تستنفر له ويصبح ضمن برامج عملها.
لقد تكشف زيف الأمم المتحدة ومؤسساتها خلال مراحل الحرب على سورية، ولم يعد المواطن السوري يثق بهذه المؤسسات بعد أن قامت منظومة العدوان على سورية بحرف مسار هذه المؤسسات عن أهدافها الحقيقية، وبعد أن دفنت الشرعية الدولية وحقوق الإنسان وشرعنت احتلال الدول وانتهاك سيادتها. فما فائدة الغسيل بالماء الوسخ لهذه المؤسسات والمنظمات الدولية؟.
الكنز – يونس خلف