الثورة أون لاين- عبد الحميد غانم:
تتفاقم الأزمة الداخلية في حكومة الاحتلال الصهيوني، على وقع التظاهرات المناهضة لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، المطالبة بتنحيه عن منصبه. وبلغت الأزمة داخل الحكومة بين نتنياهو وبين وزير أمنه بني غانتس، حداً أعلن فيه، عن إلغاء الجلسة الأسبوعية المقررة للحكومة صباح كل أحد.
وارتفعت الأصوات المرجحة بأن نتنياهو عاقد العزم على الذهاب لانتخابات مبكرة مستغلاً أزمة إقرار الميزانية، حيث يفترض أن يتم إقرار هذه الميزانية قبل 25 من الشهر الجاري، وفي حال تعذّر ذلك تسقط الحكومة الحالية تلقائياً، ويتحتم الذهاب لانتخابات جديدة خلال 90 يوماً.
ويصرّ نتنياهو على مطلبه إقرار ميزانية حتى نهاية العام الحالي، الأمر الذي يرفضه حزب ازرق ابيض، الشريك الأكبر لحكومة نتنياهو وحزبه الليكود، والذي يصرّ بدوره على إقرار ميزانية حتى نهاية عام 2021، لضمان تنفيذ اتفاقية التناوب في الحكم بين نتنياهو والجنرال غانتس.
وقد أقرّ مسؤولون رفيعو المستوى في حزب أزرق أبيض، لصحيفة يديعوت أحرنوت، بأن خطوة الانضمام لحكومة طوارئ مع نتنياهو كانت خطأً جسيماً ارتكبه حزبهم.
وتزامن ذلك مع تسرّب أخبار عن نية حزب (أزرق أبيض) تقديم القانون الذي يمنع ترشيح من توجد ضده لائحة اتهام رسمية، ويحاكم بشبهات الرشاوى والفساد وخيانة الأمانة العامة، كسلاح ضد مسعى نتنياهو لتمرير ميزانية حتى نهاية العام القادم.
ويشكل حزب (أزرق أبيض) عقبة أمام حزب (الليكود) بشأن العديد من الملفات الحيوية، إذ أصبح التناقض في مواقف الطرفين الشغل الشاغل لوسائل الإعلام الصهيونية ، التي ربما ترصد بشكل يومي خلافات حادة دفعت بعض المراقبين إلى عدم استبعاد انهيار هذا الائتلاف في أي لحظة، بسبب امتلاكهما رؤيتين متناقضتين بشأن مخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية، المحتلة إضافة إلى الأزمة الجديدة بين حزبي (الليكود) و(أزرق أبيض) عشية اجتماع لجنة تعيين القضاة، وهي الهيئة المكلفة بتعيين قضاة الكيان بمعزل عن التوجهات السياسية كما يفترض، إلى جانب أزمة إقرار الموازنة لمدة عامين أو عام واحد.
ويعتقد نتنياهو أنه من الصعب تمرير موازنة تمتد لأكثر من عام مالي واحد في ظل حالة عدم اليقين بشأن طبيعة النفقات العامة في ظل أزمة صحية متفاقمة تضرب الكيان ، على خلفية تفشي جائحة كورونا وعودة منحنى الإصابات إلى الصعود، وعلى النقيض، يخشى غانتس أن ينتقل إليه منصب رئيس الوزراء بعد عامين ليجد ملف الموازنة عائقا أمام إدارته للفترة المتبقية من عمر الحكومة، هذا إن تم تنفيذ مسألة التناوب بالفعل.
وكان الاتفاق الائتلافي بين حزبي الليكود و”أزرق أبيض” (الذي أنتج تشكيل حكومة الاحتلال في نيسان الماضي) قد نص على تبني ميزانية تشمل عام 2021، لكن نتنياهو غيّر موقفه، ويدعو الآن إلى إقرار ميزانية تغطي ما تبقى من عام 2020 فقط، مفسرًا ذلك بغموض الأفق وسط جائحة الكورونا.
وبحسب اتفاق تقاسم السلطة بين نتنياهو وغانتس، فإنه إذا لم يتم اعتماد الميزانية قبل 25 آب الجاري، فإنه سيتم حل “الكنيست” (البرلمان) الإسرائيلي والتوجه إلى انتخابات جديدة في تشرين الثاني القادم.
وتشير التطورات السياسية في الكيان الصهيوني إلى أن انتخابات مبكرة باتت قريبة، بسبب الخلاف العميق بين الطرفين.. وأظهر استطلاع نُشر بوسائل الإعلام الصهيونية، الجمعة الماضي، أن أغلبية الإسرائيليين يحملون نتنياهو مسؤولية الذهاب إلى انتخابات رابعة لأنه هو من تملص من اتفاقه..
ويرى محللون سياسيون أن نتنياهو وغانتس يهتمان بمصلحتهما الخاصة ومستقبلهما السياسي فقط، فالمشكلة الرئيسة في النظام السياسي للكيان الإسرائيلي تكمن في اعتماد النظام الانتخابي على التمثيل النسبي الكامل، وهو نظام ورغم انه يعكس تمثيلاً لمختلف المكونات والقوى الحزبية والأقليات في الكيان، لكنه في الوقت نفسه يُضعِف إمكانية حصول أي حزب على أغلبية النصف زائد واحد، ويجعل الأحزاب الكبيرة عرضة لابتزاز الأحزاب الصغيرة والأحزاب المتطرفة، التي كثيراً ما تتمكن من فرض بعض شروطها، حتى يتمكن أي حزب كبير من استكمال النصاب المطلوب ألا وهو النصف زائد واحد.
وهذا بالطبع يُضعف استقرار حكومة الاحتلال ، لأنه عند عدم تمكن الأحزاب الكبيرة من الحصول على أغلبية حزبية لا تستطيع أن تشكل حكومة واحدة، بل يتم التوجه لتشكيل حكومة ائتلافية غير متماسكة، ولا تستطيع أن تنفذ أجندة كل حزب منضم إليها، مما يؤدي إلى حدوث صراعات داخل الحكومة ويعطل عملية اتخاذ القرارات السياسية الحاسمة ويضعف قدرتها على تلبية تطلعات المستوطنين الصهاينة المنحدرين من عدة أصول وبلدان مختلفة، لذا هي في النهاية يمكن تسميتها حكومة مصلحة وليست حكومة تتمتع بالأغلبية.
وبالتالي حصول أحزاب سياسية صغيرة على حصص من السلطة لا تتناسب مع حجمها وقوتها الحقيقية، حيث تضطر الأحزاب الكبيرة للائتلاف مع الأحزاب الصغيرة جداً لتشكيل الحكومة.
فهل تنجح مناورة نتنياهو وابتزاز شريكه من الاستمرار في الحكومة؟.