الثورة أون لاين – ريم صالح:
حتى وإن استخدمت أنظمة الغرب المتأمرة سلاح الإفك والكذب والتزوير والنفاق لفبركة سيناريو من شأنه تضليل الرأي العام العالمي وحشده وتحريضه ضد موسكو فإنها لن تفلح، فشمس الحقيقة الماثلة للجميع، أقوى من أن يُحجب بغربال أنظمة بروباغاندا الخداع الألمانية والفرنسية والبريطانية والسويدية، ومن ورائها طبعاً إدارة الإرهاب الاميركية العابرة للقارات في بلطجيتها وعدوانها.
برلين وحتى اللحظة لا تزال تقامر بورقة المعارض الروسي ألكسي نافالني، وتصر على أنه تم تسميمه بمادة أعصاب من مجموعة نوفيتشوك، لا بل وأنها مضت بتآمرها وارتهانها للأميركي أشواطاً أبعد من ذلك بكثير عندما نقلت عينات لنافالني إلى مختبرين فرنسي وسويدي لإجراء فحوصات مستقلة، وكذلك أرسلت تلك العينات إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لاتخاذ الخطوات اللازمة لفحصها في مختبرات المنظمة.
ويبقى اللافت في الموضوع أن موسكو سبق وطلبت مراراً وتكراراً من برلين مشاطرتها في المعلومات وتقديم إيضاحات حول الآلية التي تبني عليها اتهاماتها لموسكو وما هي القرائن والبراهين التي تستند عليها وفي كل مرة كان الجمود هو سيد المشهد الألماني، فلا حياة لمن تنادي طالما أن النداء لا يطرب على ما يبدو الأذن الألمانية التي عملت طوال الفترة الماضية على سوق افتراءات واتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة والتي تخالف جميع الشواهد والأدلة الميدانية التي أكدت خلو جسم المعارض الروسي من أي مادة سامة.
ويبقى السؤال: ما معنى أن تعبر برلين عن استعدادها لمشاطرتها جميع شركائها الأوروبيين بمستجدات ما توصلت اليه حول نافالني، وأن تستثني من ذلك كله موسكو التي من المفترض أن يحق لها ما لا يحق لسواها؟!.
الأمور واضحة تماماً ولا تحتاج إلى أي تآمل للتمحيص والتفكير، فأنظمة التبعية الأوروبية وإمعاناً منها في الانصياع لنظام الفاشية الأميركية ركبت حصان التسميم المزعوم للمعارض الروسي وتوهمت بأنها قد تصيب وتحشر موسكو في خانة الإدانة، إلا أنها فشلت كما فشلت كل محاولاتها السابقة لاختلاق اكاذيب وتقديم مسوغات تقلل فيها من شأن التقدم الروسي اللافت في جميع الأصعدة والمسارات.
لو أن برلين صادقة في اتهاماتها لسارعت إلى تلبية المطالب الروسية، وبدلاً من إرسال عينات نافالني إلى فرنسا والسويد ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أرسلتها إلى موسكو، ولكن ربما الحكومة الألمانية تستشعر الخوف من وصول هذه العينات إلى موسكو، فهذه العينات إما أن تكون فعلاً للمعارض الروسي وهنا سيتضح للجميع في حال وصولها إلى موسكو خلوها من أي مادة سامة ما سيقلب الطاولة برمتها وبما عليها على رؤوس الألمان ومن يدعمهم في أكاذيبهم، وإما أن ترسل عينات لشخص آخر قد تعرض فعلاً للتسميم بمادة نوفيتشوك وهنا أيضاً ستقع في ذات المطب، حيث أن السلطات الروسية ستطالب بإعادة التحليل مرة أخرى، ولا نستبعد إرسالها وفداً طبياً روسياً يأخذ هذه العينات من جسم المعارض الروسي شخصياً للتأكد من أنها تعود له شخصياً وليست لشخص آخر، وفي كلا الحالتين سينقلب السحر على الساحر وسيتعزز الموقف الروسي وسيتخم سجل أنظمة التبعية الأوروبية بالمزيد من فضائح الخزي والعار.
أما من الاليزيه فقد كان موقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لافتاً، فرجل الفضائح المدوية أعرب عن قلقه العميق مما سماه عمل إجرامي تعرض له نافالني، وشدد على الضرورة الحيوية لتسليط الضوء بشكل فوري على ملابسات محاولة الاغتيال هذه وتحديد المسؤولين عنها، وهو هنا لم يخرج عن سرب الألماني في ادعاءاته الكاذبة بل تماشى معها حتى آخر نفس، فما دليله هو الآخر ان نافالني قد تعرض لمحاولة تسميم؟!، وما هي البراهين التي تؤكد أن موسكو متورطة فعلاً بهذه الجريمة المفبركة أصلاً، ولماذا كل هذا الشحن والاستقطاب ضد موسكو؟!، أو ليست محاولة منه هو الآخر لاسترضاء نظيره القابع في البيت الأبيض؟!.
الموقف الروسي الذي جاء هذه المرة على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واضحاً أيضاً ولم يتغير نهائياً في تعاطيه مع هذه القضية المفبركة، حيث شدد على الملأ، وللألماني وكذلك للفرنسي تحديداً على أن هذه الاتهامات باطلة، ولا أساس لها وغير مناسبة، موضحاً أن تحديد الملابسات الحقيقية لما حصل يتطلب إحالة الخبراء الألمان المواد البيولوجية إلى روسيا وإصدار استنتاج رسمي بناء على تحاليل عينات نافالني، وكذلك ترتيب عمل مشترك مع الأطباء الروس، وليس من خلال قذف الاتهامات ورشق الأكاذيب التي لا تستند إلى أي دليل مادي ملموس.
نظام التهويل والتضليل الألماني ومعه جوقة المهولين والمفبركين الفرنسي والبريطاني يواصلون العزف على ذات النول المهترئ، فيما قافلة الانجازات الروسية الطبية منها والسياسية والاقتصادية والعسكرية تسير وتمضي دون هوادة رغم كل عصي العراقيل التي تحاول أنظمة الغرب وضعها أمام عجلة التقدم الروسي.