الملحق الثقافي: عقبة زيدان :
«أنت مواطن في المدينة العالمية» هي العبارة التي آمن بها أبكتيتوس في القرن الأول الميلادي، وقبله كان أفلاطون متأكداً من أن أفكاره لن تبقى داخل حدود أثينا وتجارها القامعين، فيما كان تلميذه أرسطو على ثقة بأن وصول الإسكندر إلى أقاصي الأرض، هو إيذان بوصول أفكاره هو إلى المكان الذي ستدوسه قدما الإسكندر.
في الجهة الأخرى من العالم، كان كونفوشيوس وبوذا يعيان قيمة تصدير أفكارهما إلى العالم المحيط، حتى إن بوذا أعلن بأن أي إنسان – لا على التعيين – يمكنه أن يتطهر ويصبح بوذا.
أحياناً كانت الأفكار الجديدة تركب سفن التجار وتصل إلى أماكن بعيدة، وفي أحيان أخرى كانت تنتقل بالسيف والمدفع. وفي العصر الذي نعيش فيه، وبعد تراجع الاستعمار العسكري للدول، أصبحت أفكار القوة تدخل كل بيت عبر التكنولوجيا فائقة الذكاء. وكان هدفها المركزي أن تستبدل جيوشها بأفكار قاتلة، وبذلك لا تضطر إلى عبور المحيطات لقتل الآخرين، أو تحويلهم إلى عبيد في أحسن الأحوال.
العالم الجديد، الذي تريده قوى الهيمنة، لا يشبه عالم أفلاطون وبوذا، ولا عالم ستيفان زفايغ أو هيرمان هسه، بل هو العالم الذي يسمع ويطيع، ويمجد التفاهات التي تنشرها في الفضاء العنكبوتي.
أن تستقبل أفكاراً جديدة، فهذا مفيد وجيد، ولكن أن تستبدل مخزونك الفكري بأفكار العبودية، فهذا محو للذاكرة وللوجود أيضاً.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء15-9-2020
رقم العدد :1013