الثورة أون لاين – غصون سليمان:
لا يكفي أن تحترق خضرة عينيك ويلفح جسدك الطري والقاسي لهيب بطعم المرارة ونكهة دخان الحطب الأسود.. كان عليك أيضاً أن تتحمل رؤية الزواحف والقطط البرية في بيتك ودارك وبعض الوحوش مختلفة الحجم في شوارعك وحاراتك..
فما إن يلملم المساء ضياءه وتتسلل ظلال العتمة إلى محيط القرى والبلدات في ريف منطقة مصياف وغيرها من المناطق الجغرافية المفجوعة بعذريتها الطبيعية، حتى تبدأ الأصوات المقلوبة بالإعلان عن حضورها، وأنها قادمة من جحور وتربة الغابات والأراضي التي تعرّت من لباسها الاخضر، وثمارها المتنوعة.. وتاهت عن دروب المياه والينابيع بين الصخور والأدغال، فهي جائعة وعطشى وربما خائفة أكثر من هذا وذاك، ومن قتل الإنسان لها مرة أخرى، بلامبالاة بعدما شوه الحريق وجه الطبيعة واختفت كل المعالم والآثار لكل من كان يدب عليها من كائنات مخلوقة ..
فكم من الصعب أن يفاجئك قط بري وأنت مستلق في غرفة جلوسك ويختار وراء شاشة التلفاز مكاناً مؤقتاً له، وبغض النظر عن حالة الرعب ومنظره القبيح، فإن الأسوأ كيف تطرده من بيتك دون وقوع أذية.
السيدة أم معن وزوجها من “قريتي”الوادعة كانا ضحية العراك مع هذا الوحش المتمرد في محاولة إخراجه بالقوة والحيلة والخوف من مخالبه وشراسته، إلا أن المحظور قد وقع حيث تمكن من “عض” السيدة أم معن في اصبعها وتسبب بنزيف حاد وكذلك زوجها الذي تأذى بجروح ليست سهلة، ما استدعى ذهابهما إلى المشفى لأخذ الأدوية المناسبة وبتكاليف عالية.
وهناك أيضاً أكثر من حالة رعب حصلت داخل البيوت والمنازل لوجود أفاعٍ وحشرات مختلفة الأحجام والأشكال على الشبابيك، وأرض الديار، وحتى داخل الغرف.
فمنذ زمن بعيد لم يلحظ الناس إلا ما ندر تلك المناظر ، أو ذاك الظهور لحيوانات وحشرات وزواحف بهذه الكثافة، وبالتالي لا نستغرب هنا هجرة هذه المخلوقات باتجاه المناطق المسكونة، فلولا جملة الحرائق المتكررة والتي ترافقت مع موجة الحر الطارئة، لما حصل ذلك، ما يؤكد أهمية العوامل البيئية واستقرار التنوع البيئي والتوازن الطبيعي الذي يحفظ لجميع المخلوقات مجالها الحيوي، فلا ضرر ربما يحصل إلا في حدوده الدنيا.
فهل يعتبر أؤلئك المخربون، المهملون، العابثون، بخصوصية البيئة المحيطة بنا والحزام الأخضر الذي يزين تفاصيل الزمان والمكان في روزناما حياتنا، ويعدل المزاج للبشر والمناخ على السواء في حالة توافقية لا مثيل لها،
فهل يصحو ضمير البعض ويعترف أمام مرآة ذاته بجميع تلك الخيبات التي جناها، وانعكست سلباً على الواقع والناس والمجتمع؟!.