لم يذكر التاريخ دولة تعرضت لإرهاب مدعوم من أكثر من مئة دولة كما حدث، ويحدث لسورية، وكذلك لم يذكر التاريخ دولة قهرت هذا الإرهاب وداعميه وصمدت بوجهه كما تفعل سورية اليوم، والمستقبل سيكشف ربما عشرات آلاف الوثائق التي تفضح المزيد من الأدوار الأميركية والغربية القذرة في الحرب الإرهابية التي يتعرض لها الشعب السوري، والوثائق الجديدة المسربة التي نشرها موقع “ذي غري زون” الإخباري المستقل، وغيرها الكثير من الوثائق التي تم كشفها في السابق وتؤكد جميعها تورط أجهزة الاستخبارات الغربية وحكوماتها في دعم وتمويل وتجنيد الإرهابيين وتدريبهم وتصديرهم إلى سورية، ما هي إلا جزء بسيط يسلط الضوء على كيفية تسخير الحكومات الغربية وعلى رأسها الأميركية والبريطانية والفرنسية كل امكانياتها وخبراتها الاستعمارية لدعم أدواتها الإرهابية، وتجييش وسائل الإعلام المستعربة والعالمية، لتزييف الحقائق وتشويه صورة الأحداث وقلبها.
الوثائق الجديدة المسربة أبرزت دور الحكومة البريطانية الكبير في دعم إرهابيي “النصرة” و”الخوذ البيضاء” عسكريا وسياسيا وإعلاميا، وتعاونها مع أجهزة استخباراتية وإعلامية أميركية وأوروبية لإنتاج أخبار مزيفة تلمع صورة الإرهابيين وتروجهم كـ”معارضة معتدلة”، الأمر الذي يثبت مجددا أن الحكومة البريطانية الحالية ومن سبقها، تتحمل مسؤولية مباشرة في سفك الدم السوري بفعل العقلية الاستعمارية التي تتحكم بمسؤوليها، وهذا ليس مستغربا على دولة ذات تاريخ استعماري بغيض، اعتادت على إرهاب الشعوب واغتصاب حقوقها ونهب ثرواتها، فمن أعطى وعد بلفور للصهاينة وما ترتب عليه من احتلال فلسطين وتشريد الملايين من أبنائها، لا يتورع عن التواطؤ في تسعير نيران الحرب الإرهابية على سورية، ولاسيما أنها باتت الحصن العربي الوحيد الذي يدافع عن الشعب الفلسطيني وقضيته اليوم، وتقف سدا منيعا أمام تنفيذ المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة ككل.
دعم الإرهاب والنفاق السياسي، هما جوهر السياسة الأميركية والأوروبية في تعاطيها مع مجريات الحرب الإرهابية على سورية، فكما صدرت الحكومة البريطانية عتاة الإرهابيين إلى سورية أمثال جون الانكليزي ذباح “داعش”، وآوت متزعميهم لعشرات السنين وقدمت لهم الدعم اللوجستي والمنبر الاعلامي لبث أفكارهم الوهابية التكفيرية وتجنيد الإرهابيين، لم تكف الولايات المتحدة عن الشيء ذاته، وهي سبق أن شنت عدوانا مباشرا إلى جانب بريطانيا وفرنسا على الشعب السوري دعما للإرهابيين، وتحتل جزءا من الأرض، وتجاهر علنا بدعمها لما تبقى من تنظيمات إرهابية، وإعلان نائب وزير الخارجية الأمريكي ستيفن بيغون خلال فعالية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عن نية إدارته تقديم أكثر من 720 مليون دولار تحت مزاعم ” مساعدات إنسانية” للسوريين، هو في الحقيقة دعم لتلك التنظيمات، فعن أي سوريين يتحدث وحكومته تخنقهم بـ”قيصر” الإرهابي، وتهدد باستنساخه مجددا، وتطلق قطعان إرهابييها كـ “قسد” لزيادة تأثير مفاعيل هذا الإجراء العدواني، عبر الاستيلاء على محاصيل القمح وأفران الخبز وآبار النفط والمنشآت الاقتصادية والخدمية في مناطق سيطرتها.
لطالما راهنت حكومات الغرب وعلى رأسها أميركا وبريطانيا وفرنسا، على عصا الإرهاب لاستهداف سورية وشعبها، لتحييدها عن دورها المقاوم لكل المشاريع الغربية الاستعمارية، ولكن الفشل لا يزال يلازم منظومة العدوان والإرهاب تلك، بفعل صمود السوريين القادرين على إلحاق الهزائم تلو الأخرى بالمخططات الأميركية والغربية، وكل أدواتها وتنظيماتها الإرهابية، فهم أصحاب عزيمة وإرادة لا تقهر.
نبض الحدث- ناصر منذر