على أنغام الموسيقا وعذوبتها حاولت إحدى المعلمات إلقاء دروسها، وإيصال المعلومة إلى طلابها عبر الغناء، لتفاجأ بتفاعل طلابها الكبير وحفظهم لما تقدمه لهم من معلومات بأسلوب شائق وممتع.
هذه التجرية تلقفتها وسائل التواصل الاجتماعي وأثنى المتابعون لها على ما تقدمه من أفكار مبتكرة عبر الألحان القريبة من أذهان طلابها وجدوى هذه الطريقة في جذب الطلاب إلى المدرسة وفهم مضمون المنهاج بشكل سهل ومحبب.
وليس غريباً أن تفعل الموسيقا فعلها والتاريخ قد سجل في سفره منذ زمن الإغريق الذين استخدموا الموسيقا في أساليب التربية وتكريس مفاهيم الأخلاق والقيم واعتبرت المصدر الأول للتربية الأخلاقية كما جاء في كتاب “جمهورية أفلاطون” وأن الموسيقا تستطيع بما تمتلكه من تأثير أن تبني أجيالاً واعية قادرة على النهوض بالمجتمع وإعلاء بنيانه.
ولا يختلف اثنان أن الموسيقا تمثل جزءاً مهماً من حياتنا، فهي ترافقنا أينما اتجهنا بدءاً من نغمات”الجوال” إلى الموسيقا التصويرية في الأفلام والمسلسلات إلى الحفلات التي تجتهد في تقديمها المعاهد الموسيقية ودور الثقافة وليس انتهاء بما يروق لنا أن نسمعه في ساعات نقتطعها من زمن هارب.
ولكن ذلك يبقى قاصراً إذا لم تكن هناك استراتيجية خاصة تنتهجها وزارة الثقافة في نشر ثقافة الموسيقا وتكريس دورها بخلق بيئة حاضنة للثقافة الموسيقية في المجتمع، وجعل الموسيقا نمط حياة بتضمينها قيماً اجتماعية توائم تراثنا الموسيقي الغني بألوانه وفنونه وإيقاعاته الوطنية التي تخلق الانتماء والوعي لدى المواطن، وتمسكه بهويته الثقافية التي يسعى من خلالها لإعادة إحياء هذا التراث وحفظه من الضياع عبر التدوين في الصدور قبل السطور.
وما أحوجنا اليوم ونحن نشهد مانشهده من استهداف لثقافتنا وهويتنا إلى جهود متعاونة بين القطاعين الحكومي والأهلي إلى دعم القطاع الموسيقي ونشر ثقافة الموسيقا بين الكبار والصغار وفق مناهج موسيقية مدروسة وعلى رأسها تراثنا الموسيقي العريق، وإشراك الجهات كافة، لأن الموسيقا تشكل القاسم المشترك الذي يعمل على تحقيق جودة الحياة، وإن كان ثمة تطوير نريد إحداثه، فالطريقة الوحيدة هي الموسيقا.
رؤية – فاتن أحمد دعبول