الثورة أون لاين – ريم صالح:
صحيح أننا لسنا في وارد التكهن، ولكن يمكننا الجزم بناء على معطيات ومؤشرات من صلب الواقع الملوس، بأن الأيام أو حتى الشهرين القادمين سيكونان حاسمين جداً بالنسبة للشارع الأميركي، فالانتخابات الرئاسية الأمريكية على الأبواب، وحتى وإن ادعى رئيس نظام الإرهاب الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيكون هناك ما سماه انتقال ودي للسلطة بعد الانتخابات، إلا أننا لا يمكن أن نثق بهذا الكلام، فكلنا على يقين تام من هو ترامب، وما هو السلاح الذي يستخدمه ليمرر به أجنداته ومخططاته الدنيئة.
كثيرة هي المرات التي لوح فيها ترامب بأن النتائج محسومة، وبأنه سيفوز بالانتخابات، وبأنه في حال عدم وصوله إلى كرسي المكتب البيضاوي، فإن الفوضى هي البديل، وكأنه بكلامه هذا يهدد الأمريكيين، بأنه إما أن ينتخبوه، أو أن الدمار والخراب والهلاك سيكون مصيرهم.
ليس هذا فحسب بل إن رئيس نظام العنصرية والفاشية سبق وشرعن لأزلامه وأتباعه بحمل السلاح، ووفر لهم الغطاء القانوني ليقتلوا ويرهبوا كل من ينتقده ويفضح سياساته الرعناء، وهو بشكل أو بآخر سيستخدمهم كورقة ضغط على الأمريكيين وقت الانتخابات، فأولئك القتلة المسلحين التابعين لترامب هم بيادقه التي سيحركها حتماً ليحرقوا الأخضر واليابس في حال فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن.
ترامب وإن زعم مؤخراً بأنه سيتقبل الهزيمة، ويسلم السلطة بودية لمنافسه الديمقراطي إلا أن هذا لا يعدو عن كونه مجرد كلام للاستهلاك السياسي والإعلامي لا أكثر ولا أقل، ولن يكون له أي محل من الإعراب الميداني.
واللافت بأن شعبية ترامب لطالما كانت من سيئ إلى أسوأ، فعلى ماذا يراهن الرجل إذاً؟ وما هو سر ثقته بفوزه الوشيك؟!وكيف سيجيب في المناظرة المرتقبة يوم غد الثلاثاء على الأسئلة التي تتعلق بوفاة 200 ألف شخص بكوفيد-19، وتداعيات الوباء الاقتصادية، والإنهاك الذي يسود أجزاء واسعة من البلاد، وأخبار الفضائح والفوضى التي تعصف بإدارته بين حين وآخر؟
ويبقى المضحك هنا هو امتعاض ترامب من أن تتم الانتخابات من خلال طريقة التصويت عبر البريد، والتي يقترح الديمقراطيون استخدامها على نطاق واسع بسبب كورونا، فهو خائف على حد زعمه من حدوث احتيال وتزوير بطاقات الاقتراع على نطاق واسع، وكذلك تصويت الأرواح الميتة، والأشخاص الذين لا يحق لهم المشاركة في الانتخابات، فضلاً عما سماه بأن التصويت عبر البريد سيجعل الانتخابات المقبلة عرضة للتزوير و للتدخل الأجنبي، وهنا يمكن أن نفهم من كلامه، بأنه واثق كل الثقة بأن الأمريكيين سينتخبونه قولاً واحداً، أما إذا فاز خصمه بايدن فإن ذلك سيكون من وجهة نظره بسبب حدوث تزوير واحتيال في الانتخابات، وكأنه يبرر لنفسه ما سيفعله، وما سيقوله فيما بعد في حال كانت النتائج غير مرضية بالنسبة له.
سياسات ترامب الخرقاء طالت الأمريكيين في الصميم، سواء ما يتعلق بقانون الهجرة، أو الرعاية الصحية، أو الوفيات بسبب جائحة كورونا، أو حتى الضحايا الأمريكيين الذين سقطوا بسبب دعمه لعنصرية رجال الشرطة، ومع ذلك يقدم نفسه واهماً بأنه هو رجل الأمريكيين الأول، وبأنه مثلهم الأعلى، وبأنهم سينتخبونه لمرة ثانية، وهو في سبيل ذلك يقدم الكثير من الاتهامات لخصمه الديمقراطي، ليصل به الأمر إلى حد المطالبة بإجراء اختبار منشطات لبايدن قبل أو بعد مناظرتهما المتلفزة الأولى التي يترقبها الأميركيون الثلاثاء. المؤكد لنا جميعاً، بأنه سواء فاز ترامب، أم فاز بايدن، فكلاهما وجهان لعملة دموية إرهابية واحدة، فأمريكا هي أمريكا، وإن بدلت جلدها ما بين ديمقراطي أو جمهوري، قد تختلف الأساليب، وطرق نهب الشعوب، واستعبادها، ولكن تبقى الأجندات واحدة مهما اختلفت الشخوص والوجوه.