بينما تستمر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإنجاز طبختها على نار هادئة، وبانتظار أن تنضج هذه الطبخة لتكون وجبة شهية للمواطنين كما وعدت، فقد شهدت الأيام الماضية مجدداً فورة سعرية فاقت توقعات المستهلك وحطمت آماله بتناول طبخة (حماية المستهلك) والتلذذ بطعمها.
الطبخة التي ينتظرها المواطن من وزارة حماية المستهلك كانت قد تحدثت عنها قبل أسبوعين تقريباً وهي عبارة عن التحضير لضبط أسعار نحو 20 سلعة استهلاكية تعتبر من أساسيات حياة المواطن ومعيشته اليومية، والغرض من ذلك كما قيل في حينه هو الحد من تلاعب الموردين والتجار وضبط الأسعار وضمان عدم ارتفاعها إلى مستويات جديدة.
إذاً المواطن اليوم أمام حالة تشبه التسابق ما بين الأرنب والسلحفاة، فالجهات المعنية تفكر وتدرس وتراقب وتسعى على حد قولها إلى التخفيف من الأعباء المادية للأسعار الملتهبة التي تضج بها أسواقنا المحلية، لكن من جهة ثانية هناك من يترصد هذا الأداء ربما، ويسعى لتحقيق سبق من خلال زيادة الأسعار وإنهاك المواطن باستمرار دون أي مبرر أو مسوغ.
ولأن ارتفاع الأسعار هذه المرة ليس له ما يعطيه صفة الموضوعية وربما يبرره، فقد لجأ البعض إلى الاتكاء على ما أشيع عنه مؤخراً من قرب زيادة الأجور للعاملين في الدولة، ولعله عذر أقبح من ذنب، وآخرون برروا فعلتهم بعدم توفر مادة البنزين واضطرارهم لدفع أجور مرتفعة لقاء نقل منتجاتهم من المستودعات إلى الأسواق وغير ذلك..
المهم في الأمر أن هناك ذريعة دائماً لفورة الأسعار وارتفاعها من حين لآخر، لكن ما نود قوله إن الإجراء المنتظر الذي كانت وزارة حماية المستهلك قد أعلنت عنه تأخر كثيراً وربما هذا التأخير سمح للمتلطين وراء الحجج والأعذار الواهية برفع أسعارهم كما يحلو لهم، فلا رادع ولا حسيب هنا، فالقصة (رأس مالها) مخالفة بسيطة إذا وجد من يخالف أو يحاسب..
إن تراجع دور الرقابة (التموينية) ووجود بعض الخلل في الأداء الوظيفي لبعض العاملين انعكس سلباً على حياة المواطن ومعيشته وسمح للمحتكرين والسماسرة بالارتزاق وتحقيق المكاسب دون الانتباه إلى أن هناك مواطنين يفقدون، يوماً بعد يوم، الكثير من مقومات معيشتهم الأساسية وتتراجع قدرتهم على مواجهة الأعباء المتزايدة والتي سببها هؤلاء الطفيليون وأمثالهم ممن امتهن الاستثمار بمواجع الناس وآلامهم.
حديث الناس- محمود ديبو