ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـلي قــاسـم:
قد يكون من سوء الطالع لدى وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعالون أن يتزامن حديثه عن الهزيمة والانتصار وقائمة الممنوعات مع ذكرى فشل عدوان تموز،
حين اضطرت إسرائيل إلى نسيان بنك الأهداف ولائحة طويلة من الشروط والطلبات، وأن يبتلع قادتها في ذلك الحين ألسنتهم ويسحبون كل تصريحاتهم السابقة ويسلمون بانتصار المقاومة ولو على مضض.
بالتأكيد لا تبدو حظوظ يعالون أفضل من مسؤوليه السابقين، إذ تبدو المقارنة جائزة ما دامت الذاكرة عصية على النسيان، فرغم ما تموج به المنطقة وما تشهده ساحاتها الإقليمية من تبدلات متسارعة في المعادلات السياسية والعسكرية، فإن ما يقدمه من "افتراضات" قد تجاوزها الزمن، وأن صلاحيتها للحرب النفسية قد انتهت منذ أشهر طويلة.
ربما كان بمقدور وزير الحرب الإسرائيلي أن يعدد ما يشاء من الممنوعات، وأن يسهب في تصنيفها وترتيبها حسب ما يتوهّم، لكن ليس بمقدوره أن يغير في الواقع شيئاً، ولن يكون لممنوعاته دور في تحديد الوجهة النهائية للأحداث، وهذا على الأقل ما يمكن ملاحظته بوضوح في التطورات الأخيرة في غير مكان بالمنطقة.
ويستطيع أيضاً أن يملي خطوطه الحمر على الجنرال ديمبسي، وأن يعدد أيضاً المطلوب منه كما يشاء، وبالطريقة التي اعتادت فيها إسرائيل أن تملي شروطها على الإدارة الأميركية، لكنه لا يستطيع أن يسحب الأمر ذاته على ما يجري في المنطقة، رغم أن الكثير مما جرى ويجري كان بتخطيط إسرائيلي مسبق، ولعبت الأصابع الإسرائيلية ورقة الجوكر الصالحة للاستخدام في كل الأوقات وحين الحاجة.
فمحور المقاومة سبق له أن انتصر، وتمر هذه الأيام ذكرى انتصاره، وهو اليوم يتهيأ ليكرر النصر لكن بطريقة مختلفة وبتداعيات مختلفة حتى لو امتدت لائحة الممنوع إسرائيلياً من مشيخات الخليج إلى واشنطن مروراً بباريس ولندن.
ويعالون سيدرك ذلك ولو بعد حين، كما أدرك من سبقه من وزراء وجنرالات إسرائيليين كانوا قد أعدوا لائحة أكبر من تلك التي أعدها، وبمقدوره أن يستعيد مذكراتهم أو أن يستعين بهم.
والأمر لا يحتاج إلى جهد كبير كي يتبيّن ذلك بصورة جازمة، وربما لمس من تحذيرات الجنرال الأميركي ما يشير إلى ذلك بوضوح، رغم أنه ومنذ البداية لم يكن بوارد الإصغاء، لأن كل تلك النصائح قد لا تعدل في النيات الإسرائيلية المعدة مسبقاً، وهي لم تنتظر مجيء الجنرال الأميركي كي تستمع إلى نصائحه ومحاضراته بقدر ما كانت تتعمّد وضع لائحة ابتزاز جديدة!!.
الواضح أن الحسابات الإسرائيلية التي اصطدمت حتى الآن بالكثير من المتغيرات التي لم تكن واردة في روزنامة مراهناتها، تبدو خاطئة أكثر من أي وقت آخر إذا ما قيست بالمعطيات على الأرض، وحتى في المعيار السياسي تقع في المطب ذاته، فما توهّمت أنه يجري وفق المسطرة الإسرائيلية يحطم اليوم القالب المسبق الصنع، ويعدل الحيز الذي غرقت فية تلك الحسابات، وتخرج عن السياق المحدد وفق الاعتبارات الإسرائيلية.
والأمر لا يقتصر على محور المقاومة الذي تخطئ إسرائيل في قراءة المعطيات حوله، بل يمتد ويتسع، وما يجري في أكثر من بلد عربي يؤكد انقلاب المعادلة رغم محاولات التفخيخ وأحياناً التوريط في زواريب جانبية تؤخر ما أمكن ذلك الانقلاب، وتتيح لإسرائيل المجاهرة بلوائح الممنوعات لديها لبعض الوقت.
فما هو مؤكد أن الخيارات التي تملكها إسرائيل تضيق مثلما ضاقت لدى أطراف الحرب الكونية على امتداد الساحة الدولية التي باشرت بإحصاء خسائرها، وإعادة ترتيب أوراقها تحضيراً لتغيير دراماتيكي قادم، فمحاولات تكييس وجه الإفلاس بلائحة من الممنوعات لا تعني بأي حال أن الإسرائيلي لا يتحضّر هو الآخر ليحصي هزائمه القادمة تمهيداً لإضافتها إلى لائحة هزائمه وليسحب الكثير مما أطلقه رغم أنه أمضى قرابة السنوات الثلاث وهو يحصي أرباحه ويعدد انتصاراته عبر أدوات ومرتزقة بعضها أو معظمها من النسخة الأعرابية.
فإذا كان منع محور المقاومة من الانتصار صعباً ومكلفاً في الماضي، فإنه اليوم بات يستحيل عملياً، وخطواته نحو ذلك الانتصار تتسع فعلياً على الأرض كما هي في السياسية.
a.ka667@yahoo.com