لم يلبث المواطنون أن استبشروا بشتاء مريح من ناحية التزويد بالكهرباء بناء على تصريحات الوزارة المعنية حتى تحولت الفرحة إلى خيبة أمل بعد تصريحات مديرية كهرباء دمشق أمس حول أسباب زيادة ساعات التقنين التي عزتها إلى أولوية تزويد المناطق المتضررة بفعل الحرائق.
لا تزال تبدو أزمة الكهرباء وكأنها معضلة عصية على الحل تتفاقم يوماً بعد يوم وإذا كان جانب منها يخضع للظروف التي تمر بها البلاد، فلا شك أن باقي جوانب المشكلة يخضع لمدى قدرة الجهات المعنية على التعامل مع أسبابها وإيجاد الحلول المناسبة لها، ومن تلك الأسباب ظاهرة الهدر الذي تمارسه المؤسسات والذي لم يطرأ عليه أي تغيير خلال الأزمة الحالية فلا تزال الأضواء تنار في وضح النهار في الدوائر الحكومية المختلفة ولا تزال السخانات الكهربائية تستخدم بسبب ومن غير سبب.
أضف إلى ذلك تهرب الجهات الحكومية من وزارات ومؤسسات وشركات من دفع مستحقاتها من فواتير الكهرباء، وعدم الجدية في ملاحقتها وإلزامها بذلك، الأمر الذي يؤدي إلى منعكسات سلبية كثيرة على قطاع الكهرباء يتجلى أبرزها بعدم التمكن من تنفيذ المشاريع على اعتبار أن المؤسسات والشركات المرتبطة بالوزارة ذات الطابع الاقتصادي تقوم بتمويل خططها الاستثمارية والتقديرية من مواردها الذاتية، كما أن الاستجرار غير المشروع من قبل المواطنين قد فعل فعله بإنهاك الشبكات وتحميلها فوق طاقتها.
يبقى التساؤل قائماً متى تبادر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات جدية وحازمة في معالجة أزمة الكهرباء وايجاد حلول جذرية لها؟ وهذا بالطبع يستوجب عدم الاكتفاء بتشخيص المشكلة وأسبابها، إنما بوضع خطط وآليات تنفيذ واضحة ومحددة وقابلة للقياس والتقييم من خلال برنامج وطني شامل يهدف إلى مكافحة كل أشكال الهدر والتعدي على الشبكات والاستجرار غير المشروع بوسائل فعالة وتخفيض معدلات الفاقد منها، ويعمل في الوقت ذاته على تحصيل الديون المترتبة على كافة الجهات الحكومية دون استثناء بما يصب في هدف تنفيذ المشاريع الكفيلة بتطوير قطاع الطاقة الكهربائية والاتجاه بشكل أكبر نحو الاعتماد على الطاقات البديلة والخروج كلياً من أزمة الحاجة إليها.
حديث الناس – هنادة سمير