الثورة أون لاين – سامر البوظة :
في ظل التفشي الخطير لفيروس “كورونا” والفشل في السيطرة على انتشاره، وعلى وقع اشتداد حدة الموجة الثانية التي تضرب معظم دول القارة العجوز حالة من التخبط والاضطراب تعيشها معظم تلك الدول بعد أن بدأت الأمور تأخذ فيها منحى مختلفا ،خاصة مع تصاعد أعداد الإصابات والوفيات بشكل مخيف ،الأمر الذي أربك الحكومات والساسة وأصحاب القرار في تلك الدول، ودفعهم لاتخاذ إجراءات أشد صرامة للحد من انتشار الفيروس الذي أعاد أوروبا ثانية إلى حالة الإغلاق والعزل ،وهو ما لاقى رفضا واسعا وردود فعل غاضبة لدى قسم كبير من السكان، وخصوصا في إيطاليا التي كانت من الدول الأكثر تضررا جراء الجائجة الوبائية في الربيع الماضي، في وقت تنظر فرنسا في احتمال تشديد القيود الصحية، وحتى فرض عزل تام مجددا في مواجهة الموجة الثانية من فيروس كورونا التي وصفت بأنها “عنيفة”.
ويبدو الوباء خارجا عن السيطرة في بعض دول القارة الأوروبية، حيث لم يتقبل السكان الحزمة الجديدة من التدابير الهادفة إلى الحد من تفشي الفيروس، حيث تصطدم إجراءات التصدي للموجة الجديدة في إيطاليا بغضب قسم كبير من السكان، حيث تظاهر آلاف الأشخاص مساء الاثنين في عدة مدن إيطالية احتجاجا على إغلاق المطاعم والحانات وكافة المسارح ودور السينما وصالات الرياضة اعتبارا من الساعة السادسة مساء ولمدة شهر.
ووقعت حوادث عنيفة خصوصا في ميلانو وتورينو، المدينتين الكبيرتين الواقعتين في شمال البلاد، حيث نشرت شرطة مكافحة الشغب وردت على المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع.
وأظهرت مشاهد نقلتها وسائل الإعلام الإيطالية في بث مباشر تخريب عدد من قطارات الترام وإضرام النار في مستوعبات نفايات وقلب دراجات وتكسير واجهات محلات.
ويفترض أن يقدم رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي تدابير الدعم للقطاعات والمهن الأكثر تضررا من القيود المفروضة.
لكن البعض لم يعد يؤمن بجدوى التدابير, ففي مدينة بيسارو الساحلية القريبة من سان ماران (شرق)، دهمت الشرطة مطعما دعا صاحبه 90 شخصا إلى العشاء للتعبير عن رفضه الإغلاق عند الساعة السادسة.
وفي فرنسا المجاورة، يجتمع رئيسها إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء مع مجلس الدفاع المخصص لكوفيد-19 ،ثم يستقبل رئيس الوزراء جان كاستيكس القوى السياسية ومنظمات أرباب العمل والنقابات، قبل عقد اجتماع ثان لمجلس الدفاع مخصص أيضا للوباء.
في حين قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان: إن على بلاده أن تتأهب لاتخاذ قرارات صعبة تتعلق بفرض إجراءات جديدة لمواجهة ارتفاع إصابات كوفيد-19.
وفرضت فرنسا بالفعل حظر تجول من التاسعة مساء إلى السادسة صباحا في المدن الكبرى بما فيها باريس. وقال مصدران من قطاع الصناعة على صلة بالحكومة إن المسؤولين يدرسون الآن تقديم موعد الحظر وإبقاء الناس في منازلهم في عطلات نهاية الأسبوع باستثناء الخروج للضرورة وإغلاق المتاجر غير الأساسية.
وتسلك الدول الأوروبية الأخرى الطريق نفسه على غرار جمهورية تشيكيا التي ستفرض اعتبارا من الأربعاء حظر تجول من الساعة التاسعة مساء، في تدبير يستمر حتى الثالث من تشرين الثاني.
ويسجل الاتجاه نفسه في إسبانيا، حيث أشارت كاتالونيا الاثنين إلى أنها تنظر في احتمال عزل السكان في منزلهم في عطلة نهاية الأسبوع. وشدّدت مناطق إسبانية أخرى أيضاً القيود بعد إعلان حال الطوارئ الصحية الأحد لمدة 15 يوماً.
وتم تمديد القيود أيضا في كيبيك، المقاطعة الكندية الأكثر تضررا من الوباء مع أكثر من مئة ألف إصابة و6150 وفاة (من أصل 217 ألف إصابة وحوالى 10 آلاف وفاة على المستوى الوطني).
وسجلت الولايات المتحدة، البلد الأكثر تضررا في العالم، 225,689 وفاة، تأتي بعدها البرازيل مع 157,397 وفاة.
يأتي هذا في وقت أكد فيه مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أنه لا يمكن للعالم أن يستسلم في المعركة ضد فيروس كورونا المستجد.
وفي سياق متصل قال مسؤولون في منظمة الصحة العالمية إن أوروبا تحتاج إلى تكثيف جدي لجهود مكافحة فيروس كورونا مع بقاء الأمل بأن الدول الأوروبية لن تحتاج لفرض إجراءات عزل عام على مستوى البلاد.