الثورة أون لاين – عمار النعمة:
لاشك أن النقد الأدبي هو ضرورة من الضرورات التي لا تتم الآداب إلا بها، فهو يُقوّم النص الأدبي، ويحلله ويدرسه على ضوء أدوات النقد الأدبي ومعادلاته الخاصة.
لكن في يومنا هذا يشعر الكثيرون من الكتّاب والشعراء على اختلاف تخصصاتهم، بأنهم غير منصَفين من النقد والنقّاد، وأن النقد يقتصر على بعض المقالات في الصحف والمجلات .
الثورة التقت عدداً من الأدباء للوقوف على آرائهم في هذه الظاهرة فكانت اللقاءات التالية:
(حالة من الوعي واللاوعي)
د.عبدالله الشاهر أكد أن الحالة النقدية ليست كما يجب, فنحن لانمتلك نظرية عربية نقدية خاصة بالأدب العربي, وإنما تتكئ على نظريات غربية وهذا يُضعف قراءة النص باعتبار البيئة المنتجة له لاتساوي البيئة التي أنتجت البيئة النظرية, لذلك جاء النقد عندنا إما مصلحة أو تهجماً, أو أن هذا النقد جاء بمزاجية الناقد .
وقال الشاهر: المنتج الإبداعي هو حالة من الوعي واللاوعي, والمنتج النقدي هو حالة علمية بمعنى له مقاييس وأصول, وبالتالي علينا أن لا نظلّم الشاعر أو المبدع بشكل عام, فعملية النقد هي عملية مسؤولة يجب قياس وضبط المنتج الإبداعي بسوية علمية نقدية تؤسس لنظرية عربية نقدية قادمة مبنية على أسس واضحة وواعية .
نعم.. الدراسة النقدية قوتها حسب العلاقة الشخصية, وهذا ليس موضوعياً, عندما نكتب عن الناقد أنا لا أعرف الكاتب بل أعرف النص …
لنصل إلى نقد دقيق وصحيح يجب أن نتعامل مع النص وليس كاتبه, هناك بعض الحالات وبعض المحاولات الجيدة, لكن مايمكن قوله يجب أن يرتقي الناقد إلى مستوى المسؤولية الأدبية, وعندما يصل إلى هذا المستوى فسيتعامل مع الإبداع والمبدع بطريقة صحيحة ودقيقة وموضوعية .
حراك فكري وثقافي وأدبي
الأديب د.نزار بني المرجة قال : من خلال متابعتي للمشهد الثقافي في سورية وبشكل خاص منذ بداية العدوان على سورية وحتى اليوم..، ومن خلال عملي كرئيس لتحرير صحيفة (الأسبوع الأدبي) لثلاث سنوات من تلك السنوات..، كنت وإلى اليوم.. ألاحظ قسوة وطأة تلك الحرب على المشهد الفكري والأدبي والثقافي، ثمة كم هائل من التضليل والضبابية المفتعلة التي استخدمها أعداء الوطن و مرتزقتهم لتشويه الحقائق ومحاولة إيجاد أصوات ومنابر وكم مطبوع أو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي (التي كانت وسيلة وأداة أساسية تم استخدامها سلاحا من أسلحة حروب الجيل الرابع) وبتنا نسمع عن أسماء يتم الاحتفاء بها من قبل مؤسسات خارجية مشبوهة، لتشير وبشكل مفضوح إلى محاولات تكريس نتاج وأسماء بعيدة كل البعد عن مصداقية الانتماء الوطني، وفي المقابل فقد كنا ولانزال نلاحظ حراكا” فكريا” وثقافيا” وأدبيا” مخلصا للوطن ويعبر عن صدق انتمائه للأرض والإنسان.. ويكرس حيزا” هاما” من الكم والاهتمام لقضايا النضال الذي يخوضه شعبنا وجيشنا لمواجهة عدوان طويل غير مسبوق على صعيد الجغرافية أو التاريخ.. يهدف إلى تحطيم صخرة الصمود السورية التي أصبحت تمثل الأمل الوحيد لمواجهة المشروع الصهيوني الغربي الرجعي في المنطقة..، وأما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال.. فأقول نعم هناك تقصير من النقاد في دراسة نتاجي ونتاج أبناء جيلي من الشعراء والكتاب في الوقت الذي يمضغ فيه النقاد نتاج مرحلة الستينيات بكثير من الإسهاب والدراسات على حساب أجيال أدباء المراحل اللاحقة.. ومنا جيلنا .. جيل السبعينيات وما تلاه..، ونتمنى أن نلحظ اهتماما” أكبر، لأن نتاج تلك المراحل يمثل مرآة صادقة لتاريخ مختلف عاشه وعاشه وسيعيشه الوطن..
(النقد الحقيقي لايقوم على المجاملات)
الشاعرة سهير زغبور قالت: بكل تأكيد أتابع المشهد الثقافي سواء كمشارِكة به أو كقارئة له ..ومن خلال هذا الحوار المخصص للحالة النقدية
وقبل أن أجيب عن السؤال الخاص بإنصاف النقد لي , أود أن أشير ولو بعجالة إلى واقع النقد من خلال رؤيتي البسيطة, وتجربتي المتواضعة في الكتابة …..
فانا أرى أن النقد في عصرنا تطور إلى الخلف, متخذا موقعا جديدا يتناسب مع العالم الافتراضي والانترنيت, لينحي جانبا وبشكل شبه كامل تقريبا النقد القائم على قراءة العمل الأدبي بروية وبعين مجردة من الصورة التي باتت في زمن الانترنت عنوانا مسجلا في بريد اغلب الكتاب…لذا بات النقد بأغلبه رقيق القلب ..مبتعدا عن هدفه الأساسي, فصار له لباس حريري موحد .. تلبسه اغلب القصائد مع تغيير اسم الكاتب فقط …..
مما جعله يُصاب _ كما الشعر_ بالشللية وبدرجة عالية.
بالطبع أنا لا أعمم لكنها الحالة الأكثر شيوعا في عصرنا هذا, أما بالنسبة لإنصاف النقد لي فانا لم يُطلَب إلي إرسال أي من كتبي للدراسة النقدية ..وبالتالي لم يكن هنالك مجال لخوض هذه التجربة والإفادة من النقد البناء الهادف , لكن لم تحرمني الصحف التي قرأ اعلاميوها المميزون كتبي من فرصة إبداء آرائهم بما خط قلمي, هذه الآراء التي أثمنها جدا وستكون لي زادا في قادم الأيام لتطوير ذاتي واغتناء تجربتي ……
فالنقد الحقيقي لايقوم على المجاملات وإنما على وضع اليد على مكامن الضعف والقوة ..لنرتقي بأنفسنا وأعمالنا فنشعر حقا بأننا أنجزنا..
(من النادر أن نشاهد دراسة نقدية جادّة)
الشاعر حيان محمد الحسن بالطبع أنا أتابع المشهد الثقافي السوري وأستطيع القول أن الثقافة السورية بخير وتسير عجلتها نحو الأمام فما نشاهده من نشاطات ثقافية متنوعة على امتداد مساحة الوطن فإن دلّ على شيء فهو يدل على اهتمام القائمين على الثقافة بمواصلة العمل وبذل الجهود للنهوض بمستوى ثقافي يليق ببلد عريق كسورية ، ويجب الإشادة ببعض القائمين على النهوض بهذه الحركة ومنهم الدكتور محمد الحوراني رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب بدمشق ففرعه أشبه بخلية النحل ويعج بالنشاطات الأدبية المتنوعة ولا يخلو يوم إلا وهناك نشاط أدبي وثقافي ومما يلاحظ أيضاً هو الاهتمام الكبير بفئة الشباب التي هي المستقبل المشرق لثقافتنا والمعنية بمواصلة العمل للارتقاء بواقع ثقافي أفضل وأجمل لأن الشباب هم الشعلة المتّقدة والأمل الواعد .
أما بالنسبة للنقد فأستطيع القول أنه في الحالة الراهنة لا يوجد هناك نقد بالمعنى الحقيقي لكلمة النقد, فمن يقون بعملية النقد يفتقرون لمقومات النقد وكل ما يقومون به هو تسليط الضوء على الكتب التي يتناولونها بمعنى آخر يبرزون الجانب الجيد في العمل ويهملون الجاني الآخر والمهم ألا وهو السلبيات الموجودة ،هناك عشرات الكتب والمجموعات الشعرية والقصصية والروايات تنشر كل سنة ونشاهد حفلات التوقيع والتوزيع المجاني والمقلات الدراسات عن هذه المطبوعات ولكن من النادر أن نشاهد دراسة نقدية جادّة تأخذ بعين الاعتبار السلبيات وما أكثرها في كتب هذه الأيام ، كل ما هنالك آراء وانطباعات حول تجربة الشاعر أو الكاتب والإشادة به وتلميع صورته ، بالنسبة لي لم آخذ حقي من النقد والسبب هو انشغال النقّاد بكتّاب الدرجة الأول فهم لا يرون غيرهم ويسارعون لتلقّف أعمالهم والإشادة بها ،لا أرى ناقدا لديه الجرأة أن يتناول كتابا لكاتب كبير أو شاعر من الصف الأول وينتقده ويظهر سلبياته في مقالة أو كتاب، فهناك اعتبارات كثيرة تبعد الناقد عن المجازفة في هكذا أمر .