لفتني مؤخراً إحصائية نشرها أحد الأصدقاء وهو أكاديمي متخصص في العلوم السياسية حول نسب التحول التي طرأت على المواد الأساسية مثل الخبز والمحروقات ومقارنتها مع نسبة تخفيض ضريبة الدخل على الأجور ومدى الزيادة التي حققتها لسقف الراتب، وبالتالي بينت الإحصائية تفاوتاً كبيراً بين الزيادات التي طالت هذه المواد والزيادة على الراتب إلى حد كبير…
لا أعلم إن كانت الأرقام التي تضمنتها الإحصائية أو اعتمدت عليها صحيحة وموثوقة الأمر الذي يفتح الباب واسعاً للتساؤل حول غياب الرقم الموثوق المعول عليه لاتخاذ أي قرار يستهدف شريحة كبيرة من السوريين، وبالتالي غياب إمكانية تقييم أي قرار من هذا النوع بشكل حيادي ومنطقي، فالأرقام الدقيقة غير متاحة ربما للعرض أمام الجميع، وربما في هذا الأمر شيء من الحكمة في ضوء هذه الظروف التي يزيدها سوءاً الهلع الذي قد يتسبب فيه نشر بعض الأرقام التي تندرج في إطار الأمن القومي الاقتصادي، ولكن ماذا عن البديل…؟
لطالما عانينا من غياب الأرقام والإحصاءات الدقيقة وهو خلل كبير خاصة مع أهمية الرقم الموثوق والدقيق في التخطيط الاقتصادي مع غياب شبه كامل للمراكز العلمية والبحثية والإحصاىية المعنية بممارسة هذا الدور في وقت تتعرض فيه آلية الدعم الاجتماعي لتشوهات كبيرة، حتى إن البعض أصبح على قناعة أنها بحاجة لتعديل جذري مع عدم قدرتها على تقديم الدور المأمول منها مستقبلاً..
الأسعار تشهد حالة ارتفاع غير مدروس وفوضوي ولا يتناسب مع الدخل والقوة الشرائية للمواطن في ظل إصرار الجهات المعنية على اعتماد آلية دعم أصبحت قاصرة وغير قادرة على استيعاب التغييرات التي تطرأ على الأسواق في فترات متلاحقة وقصيرة أتعبت شريحة ذوي الدخل المحدود ولم تعد قادرة أن تضبط الهدر في الموارد الشحيحة أساساً..
على الجهات المعنية بالتخطيط والبحث أن تفتش عن الرقم الصحيح والدقيق لتبني قراراتها بالاعتماد عليه حسب ألف باء الاقتصاد، فلم نعد نمتلك رفاهية التجربة أكثر من ذلك…
على الملأ- بقلم أمين التحرير باسل معلا