ثمة جدلية لايعرفها الطارئون على التاريخ والحياة والجغرافيا، ممن نبتوا من خارج وقائع الحياة الفعلية، وشكلوا دولاً وكيانات تعيث فساداً في المشهد العالمي، ويعملون بكل دأب على استقطاب العملاء الماجورين، ممن هم أيضاً طارئون على كل شيء، وممن لاذوا ذات يوم بأرض أكرمتهم، وأغدقت عليهم من خيراتها، لا، بل تقاسمت معهم كل ألوان الحياة حلوها ومرها، فإذا ببعضهم يعود ليكون ذيلاً تابعاً، لايفي بعهد ولاميثاق، ويظن أنه إذا استقوى بالمحتل الغاصب فسوف يصل إلى تحقيق نياته الشريرة.
أما المعادلة التي يتجاهلها هؤلاء، ويعرفون أنها موجودة في عقل وتاريخ سورية، إلا وهي أن ثمة صبراً استراتيجياً تعتمده سورية إلى آخر اللحظات، تعطي المهل والفرص، لمن ضل الطريق، وتفتح أمامه باب العودة للوطن، لترابه وسمائه ومائه، ومقدراته، للعيش الحر الكريم الذي لم تبخل به يوماً على أحد مهما كان طارئاً.
أما وقد بلغ بهؤلاء التبّع أن يظنوا أنهم قادرون على تجزئة الوطن السوري، والمضي قدماً ليكونوا أدوات متقدمة للكيان الصهيوني، فهذا ضرب من الجنون والخيال الذي دونه الأهوال، مجرد خيال هو كارثة عليهم، فقد أخذوا من الفرص أكثر مما يجب، وتكشفت أوراقهم وتعرت، ويعرفون أنهم ليسوا إلا أدوات يجدد استعمالها لفترات زمنية محددة، وفي النهاية لن يكونوا إلا أوراقاً محروقة، لايمكن أن يدب فيها نسغ الحياة ثانية، لن تقبل توبتها وعودتها، وهاهم يرون بأم العين كيف بدأت المقاومة الشعبية لاستعادة كل شبر، وكل مكامن الثروة والحياة، الدرس مازال في بداياته، وهو يقدم الخطوط العريضة الأولى لعل ذرة من عقل تعود للعمل عند من ارتضى أن يكون تابعاً ..وقد وصلت الرسائل فهل يدركون؟
من نبض الحدث- ديب علي حسن