لا تعكس تصريحات المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جيمس جيفري سياسة الخداع والزيف التي تمارسها الولايات المتحدة، بقدر ما باتت تؤكد حقيقة تلك السياسة المتأصلة في العقل والاستراتيجية الأميركية التي لا تزال تفوح منها رائحة الدماء والأشلاء والموت.
جيفري الذي أقرّ بتضليله وفريقه كبار القادة الأميركيين وفي مقدمتهم دونالد ترامب حول حقيقة عدد قوات الاحتلال الأميركية في سورية، يفتح الباب على مرحلة جديدة من التدليس والخداع الأميركي الذي يبدو أنه قد شقّ طريقه هذه المرة إلى داخل أروقة صناعة القرار الأميركي، وفي هذا مؤشر واضح على بدء تصدع وتخلل البيت الأميركي من الداخل.
تصريحات المبعوث الأميركي السابق تسلط الضوء على ملفات وقضايا كثيرة داخلية وخارجية كان الدجل الأميركي محورها ووسيلتها الأساسية للتعاطي معها، وهذا الأمر يكشف في أبعاده الخلفيات الحقيقية التي تبنى عليها سياسات وقرارات الولايات المتحدة التي ترتكز على الزيف وتشويه الوقائع على الأرض.
السياسة الأميركية لم تكن يوماً موضوعية وواقعية، بل كانت على الدوام النقيض لذلك، أي أنها كانت ترتكز وتقوم على نسف كل الحقائق والعناوين الثابتة والمتجذرة على الأرض، وهذا يعزى بطبيعة الحال إلى أن الأهداف والمشاريع الاحتلالية والاستعمارية الأميركية لا يمكن للولايات المتحدة أن تحققها إلا بالتحايل والنفاق والمكر، ولعل استحضار سنوات الحرب الماضية على سورية يكفي لتأكيد وكشف تلك السياسات التي كانت كارثية على المنطقة خاصة وعلى العالم على وجه العموم ، وفي هذا أمثلة كثيرة وكلنا يذكر اعترافات كولن باول وزير الخارجية الأميركي الأسبق حول (كذبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل) التي أدّت لاحتلال وغزو العراق، وكذلك اعترافات هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة في دور بلادها في صناعة الإرهاب وتصديره إلى المنطقة، وهذا غيض من فيض الخرص والمدق الأميركي المتواصل.
حدث وتعليق – فؤاد الوادي