يتساءل الكثيرون عن أهمية ومعنى ودور وتوقيت انعقاد مؤتمر دولي لبحث عودة اللاجئين السوريين في ظل ظروف داخلية وإقليمية ودولية شديدة الصعوبة والتعقيد ووجود معارضة ورفض من الجانب الأميركي وممارسة ضغوط كبيرة على العديد من الدول العربية والأجنبية والمنظمات الدولية لعدم المشاركة في أعمال وفاعليات المؤتمر.
وفي حين يبقى التساؤل الأبرز يتركز حول قدرة الدولة الوطنية السورية على تأمين البنية التحتية لعودة هؤلاء اللاجئين وسط الوضع الاقتصادي والمعاشي المتردي نتيجة الحصار الاقتصادي الداعم للأعمال العدوانية الإرهابية.
مع الاعتراف الكامل بصعوبة الوضع المعيشي والاقتصادي الداخلي ، ومع الاعتراف بحجم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية على الحكومات والمنظمات إلا أن ذلك لا يمكن أن يؤثر في تمسك الحكومة على القيام بدورها الكامل في البحث المستمر عن تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها مهما كانت الظروف صعبة والتحديات كبيرة.
وبالفعل فإن التحديات التي تواجه الحكومة من الصعوبة بمكان تجعل المعتدين يفكرون خطأ أن ذلك يعني تراجعاً وانسحاباً من هذا الدور الأساسي متجاهلين أو متناسين التجربة المريرة والصعبة التي خاضها السوريون على امتداد السنوات العشر الماضية وكيف كانوا يزدادون إصراراً على المواجهة والتصدي وأكثر تمسكاً على البقاء في وطنهم مهما صعبت ظروف الحياة ومهما ازدادت الضغوط والحصار ومهما ارتفعت وتيرة العمليات الإرهابية بأشكالها المختلفة.
وهنا قد يقول بعض أصحاب الإرادات المهزومة :إن اللاجئين الذين يعيشون حالة الرفاه والضمان في أوروبا الغربية والدول الاسكندنافية لن يجدوا أي محفزات للعودة، فإن اللاجئين المحاصرين والمسجونين في المخيمات التي يسيطر عليها الإرهابيون أو قوات الغزو الأميركي أو التركي وخاصة في مخيمات الهول والركبان وأطمة وغيرها يعانون ظروفاً قاهرة وسالبة للحرية ويمنعون من العودة لديارهم، وهم يعيشون ظروفاً لاإنسانية لا يمكن القبول بها أبداً.
وهكذا فإن الإصرار على عقد هذا المؤتمر في ظل هذا الواقع يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات ادعاها وادعى الإيمان بها كمبادىء غير قابلة للتنازل أو المساومة ،بينما في الواقع هو من يخترقها ويعتدي على حقوق المجتمعات .
ويبقى المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين وفق هذه الرؤية محطة من محطات المواجهة في الحرب على الإرهاب والأنظمة التي ما زالت تدعمه.
معاً على الطريق – مصطفى المقداد