الثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
يصعب الحديث عن قامة سورية كبيرة بحجم الراحل وليد المعلم الذي جمع بين رمزية المكان والمنصب وبين قيمة الإنسان والوطن والهوية ما جعله حالة استثنائية تضاف إلى حالات الإبداع والتميز والإعجاز السوري في كافة مناحي الحياة وعلى كل المستويات.
الخندق الذي كان يحارب فيه وليد المعلم هو ذات الخندق الذي كان يحارب فيه كل سوري محب لوطنه مستعد للتضحية من أجله، في مواجهة دول منظومة العدوان التي اتحدت جميعها لإخضاع وإسقاط الدولة السورية، لكن أعداء سورية أخطؤوا كعادتهم في الزمان والمكان كما أخطؤوا الإنسان، فقد وجدوا في سورية رجالات يعشقون الموت بقدر ما يعشقون الحياة، إلى جانب عشقهم الوطن وكرامة الوطن وسيادة الوطن وعزة الوطن.
لقد أثارت شخصية الراحل الكثير من الجدل والإعجاب، لجهة أدائه المتفرد في مواقف حساسة ومراحل معينة كانت فاصلة في تاريخ الحرب الإرهابية على سورية، إذ كان يقود الدبلوماسية بكل حكمة واقتدار وشجاعة وأعصاب فولاذية، ولأنه كان يدافع عن وحدة وكرامة وسيادة وحرية الشعب السوري، فقد لقن الغزاة دروساً في أصول السياسة والدبلوماسية وكيفية الحفاظ على رباطة الجأش والرد بذكاء وحكمة في المواقف الصعبة كما حدث في جنيف حين خاطب جون كيري في أوج الاستهداف المعادي لسورية وجهاً لوجه محولاً وزير دولة عظمى إلى تلميذ وكأنه يستمع لأول مرة إلى محاضرة في معاني السيادة والاستقلال.
لقد عكس الحزن الشعبي الكبير على رحيل الوزير المعلم أهمية ورمزية ومكانة هذا الرجل في وطنه وبين شعبه، وهو الذي قضى أكثر من نصف قرن في ميادين الدبلوماسية يعلي ويرفع راية وكرامة وطنه بأداء منقطع النظير بين أقرانه من الدبلوماسيين.
إنه القامة الوطنية الشامخة التي لن ينساها السوريون أبداً والتي سيخلدها التاريخ، لأنها كانت جزءاً مهماً من انتصارهم على الإرهاب وداعمي الإرهاب في ميادين الدبلوماسية ومواجهة خصوم سورية بالدليل والحجة والبرهان الساطع، وهذا ما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء، لجهة الحكمة والرزانة والثبات على الموقف الذي يحاكي ويعكس ثوابت ومبادئ السياسة السورية الواضحة والصلبة التي لا تخضع ولا تتنازل عن حق أو مبدأ مهما كانت الظروف والأسباب، وهذا ما علمه وأيقنه معسكر الحرب على الإرهاب جيداً طيلة سنوات الحرب الماضية التي كان فيها المعلم وفريقه والدبلوماسي سيفاً مسلطاً على رقابهم وإرهابهم.
لقد آمن الراحل بحتمية الانتصار على الإرهاب وداعميه، وكان يعبر عن ذلك في كل مناسبة وعلى كل منبر يعتليه، وهو الذي ردد على الدوام أن الشعب السوري بدولته وقيادته سيخرج أقوى وأعلى شأناً بين دول المنطقة والعالم عندما يقهر ويسحق الإرهاب.
لقد جسّد الراحل المعلم الشخصية السورية التي لا تتنازل عن الحقوق الشخصية التي ترفض الطغيان والاستبداد والغطرسة والظلم والاستبداد، لذاك حاز على تقدير وإعجاب الأصدقاء والحلفاء، بقدر ما أثار حنق أطراف الإرهاب الذين كانوا يمتعضون من مواقفه المشهودة في الدفاع عن وطنه، وهو الذي كان يصفهم بعبارته المشهورة “جوقة من الكذابين”.
كان للوزير المعلم دور محوري في إيضاح الأسباب والأهداف الأساسية وراء الحرب الإرهابية على سورية، وقد نجح في إقناع الكثيرين بصوابية ودقة الموقف السوري، واستطاع تبديل مواقف العديد من الدول التي كانت مضللة بشأن ما يجري في سورية.
لقد عشق الراحل وطنه بلا حدود، وأعطاه من جهده وفكره ووقته الكثير، فكان قمة شاهقة واستثنائية في تاريخ سورية، فحين يكبر الإنسان بعشق لوطنه، يصبح كبيراً ويتحول إلى رمز من رموز الوطن.