الثورة أون لاين – ريم صالح:
ألم يحن الأوان لمجلس الأمن أن يتحمل مسؤولياته بعد، وأن يترجم جميع المواثيق والقرارات من مجرد عبارات وأرقام إلى فعل يتم تجسيده على أرض الواقع؟ ألم يحن الوقت لهذا المجلس أن يحقق الأمن والسلام للشعب السوري، وأن يقول للأمريكي وربيبه الصهيوني كفى عربدة وعدواناً واستفزازاً وانتهاكات صارخة؟! ألم يحن الوقت ليطالب هذا المجلس كيان العدو الصهيوني بالانسحاب من الجولان السوري المحتل، وإلا فالفصل السابع بانتظاره؟ أم إن هذه المواثيق والقرارات تتحول هكذا وبقدرة قادر إلى جماد، وإلى لا شيء عندما يتعلق الأمر بالأمريكي أو الصهيوني ومن يدور في فلكهما؟
صحيح أن زيارة وزير خارجية نظام الإرهاب والعنصرية الأمريكي مايك بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل خطوة استفزازية للسيادة السورية باعتبار أن الجولان هو أولاً وأخيراً جزء لا يتجزأ من التراب السوري، ووجود المحتل الإسرائيلي فيه غير شرعي، وباطل، كما أنه زائل مهما طال الزمن، وصحيح أيضاً أن هذه الزيارة تشكل انتهاكا صارخا لأحكام القانون الدولي ولاتفاقيات جنيف التي تحظر زيارة الأراضي المحتلة، إلا أنها تعري المجتمع الدولي أكثر وأكثر، وتكشف عوراته التي يحاول دائماً أن يتعامى عنها، فهو يؤكد هروبه من مسؤولياته إذا كانت تصطدم مع المصالح الأمريكية أو الصهيونية ليغرق في سبات لا يعرف أحد متى ينتهي.
قرارات مجلس الأمن رقم 242 و338 و350 و497 جميعها تدعو إلى الانسحاب الإسرائيلي من الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967، والإجماع الدولي سبق ورفض قرار “إسرائيل” بضم الجولان المحتل، ولكن هل يكفي هذا حقاً؟ أم إن الأمر بحاجة إلى وضع النقاط السياسية على الحروف الميدانية، وحسم الموقف أممياً، فلم يعد هناك أي مجال للمناورة أو المداورة، بل إن المشهد برمته بات واضحاً وضوح الشمس في كبد النهار.
اللافت أن زيارة بومبيو تأتي قبيل انتهاء ولاية إدارة ترامب، وكذلك تتزامن مع اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة على سورية، وآخرها العدوان الذي شنته بتاريخ 17-11-2020 ، الأمر الذي لا يمكن تفسيره إلا على أنه تعبير بشكل أو بآخر عن دعم إدارة ترامب لكيان العدو الإسرائيلي، وحتى اللحظة الأخيرة، وربما محاولة من هذه الإدارة لكسب اللوبي الصهيوني ليقف إلى جانب ترامب باعتباره وحتى اللحظة لم يتقبل خسارته أمام خصمه الديمقراطي جو بايدن، وقد تكون محاولة استعراضية لا أكثر ولا أقل بأن ترامب وثلته لا تزال على قيد التجوال الميداني والحراك السياسي.
زيارة بومبيو للمستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل لن تلغي حقائق التاريخ، بأن الجولان سوري، ومن فيه سوريون، وهم قلباً وقالباً مع دولتهم السورية، ومتمسكين بهويتهم الوطنية، وبجيشهم الباسل، وقيادتهم الحكيمة.
هذه الزيارة لا تعدو عن كونها زيارة مسؤول في نظام إرهابي، لمجرم حرب آخر، وعلى أراض محتلة، أي زيارة من يقتل ويشرعن استباحة دماء السوريين، لقاتل آخر لا يختلف عنه في شيء، هي زيارة لمستوطنات لا شرعية لها على أراضينا، باختصار هو لقاء الإرهابيين القتلة، وقد يكون للتخطيط للمزيد من العمليات الإرهابية والدموية وفي الوقت بدل الضائع قبل انتهاء ولاية ترامب، ولكن كالعادة لن يحصد المعتدون إلا المزيد من الخيبات، وستتبدد أوهامهم، وستذهب أدراج الرياح.