أسابيع مرّت على كارثة الحريق الكبير في الساحل السوري.. الحريق الذي أتى على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، كما أتى على مصدر عيش وخط الدفاع الأخير ضد الموت جوعاً لعشرات الآلاف من الأسر المحلية والمقيمة..
أسابيع مرت ولم يسجل تقدّم بخطوة واحدة صوب ترميم واقع حال الطبيعة في تلك المناطق ولا سيما في محافظة اللاذقية، باستثناء الأخبار عن فتح خطوط النار ضمن الأراضي الزراعية تلافياً للحريق، وهي خطوة كان يجب أن تكون قبل الكارثة لا بعدها، سيما وأن الأشجار والحراج والمحاصيل احترقت وباتت الجبال جرداء من دون عشبة واحدة تلتهمها النار المفترضة..!! فلماذا هذه الخطوط النارية الوقائية؟.
خطوة واحدة لم يخطِها أحد صوب البدء بإعادة الغطاء الشجري والحراجي في ريف محافظة اللاذقية، في وقت لا يزال الجرح طرياً، ويمكن لذلك استنفار الهمم في مساعدة المنظمات الشعبية والفعاليات الأهلية، عبر تنظيم حملات تشجير منتظمة تنقسم بموجبها المناطق المنكوبة إلى قطاعات يتولى التطوع في زراعة كل واحد منها جهة من الجهات، وصولا إلى استثمار كل يوم من الأيام لإعادة جزء من تلك الغابات.
حتى اليوم لم يتفق رقم مع أخيه في حجم الأضرار التي طالت الأشجار ضمن تصنيف المثمر من زيتون وحمضيات، أم حراجية من سنديان وبطم ودلب وسواها، ما يفتح الباب واسعاً للتكهّنات والتخمينات غير المجدية، والتي لا تؤدي إلا دور زيادة البل في الطين.!!
كل يوم تأخير في إعادة التشجير والزراعة يعني تأخر ظهور اللون الأخضر في جبالنا، ما يعني أيضا حرمان أطفالنا منها، من دون الخوض بتفاصيل الدور الذي لعبته تلك الغابات في الحياة البيئية والسياحية والبرية وحتى الجمالية..
لعل من الضروري تقييم أداء كل المحافظات ومجالسها ومكاتبها التنفيذية، وتعاملها مع كارثة الحريق، ومبادراتها في هذا الشأن، ومحاسبة المقصّرين فيها لكونهم أصحاب القرار المحلي في توظيف الإمكانات لخدمة المناطق المنكوبة وكلنا قرأ وتابع المراسيم الصادرة بحلّ مجالس مدن وسواها سابقاً..
الكنز- مازن جلال خيربك