الثورة أون لاين – غصون سليمان:
تحت مجهر الوطن ،كانت عيون السوريين ترنو إلى سيد الوطن وهو يضع نقاط الحاضر على رؤى المستقبل من خلال ما جرى ويجري عبر وريد وشريان الماضي، محددا الركائز والثوابت بإضفاء فلسفة جديدة على دستور الحياة.
السيد الرئيس بشار الأسد بحديثه المعمق والشامل في جامع العثمان بدمشق وضع تشخيصا للمشكلات، وجمع العناوين بنظرة الطبيب الذي يشرح كل التفاصيل واالذي عرف الداء ويبحث عن الأساليب ليختار العلاج الناجع.
لقد جمع وأحاط بالعناوين وهي كثيرة كما وصفها، وليست بأشياء طارئة بل هي تراكمات أصابت جميع نواحي المجتمع، وهذه التراكمات باتت كسرطان خبيث يفتك بالجسد دون أن يشعر به المرء، وحين الاستيقاظ والشعور به، يكون الوهن والضعف وتكون النهاية.
وهنا نحن بحاجة إلى صحوة ويقظة وحذر شديدين عندما نستقبل أو يدغدغ
مشاعرنا أي مصطلح أو شعار جديد وافد يسوق لنا من الغرب أو غيره، ليغزو مجتمعاتنا ويتحول فيها إلى شيء عادي واعتيادي كما هو حاصل اليوم على مستوى شعوب المنطقة والعالم.
وبالتالي كان من الضروري جدا تحصين أسوار المجتمع، من خلال تحصين الجيل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بالعودة إلى الخلية الأولى “الوطن الصغير” الأسرة، وتعميق الانتماء إليها، بعدما أصبح مفهوم اللا انتماء يأخذ مسارا آخر في غير اتجاه، بحيث ينتمي الإنسان إلى نفسه فقط، إلى نزعته الفردية، إلى أنانيته، متناسيا أو متجاوزا أسرته وناسه وأهله ومجتمعه ووطنه.
لذلك من المهم جدا أن يعلو شأن ومبدأ التربية بأبعادها النفسية والاجتماعية والأخلاقية والوطنية، من خلال تعميق مفردات المحبة والتسامح والشعور بالآخر، والتعاون والتكافل، والتي هي في الأساس موجودة بالحالة الفطرية داخل كل إنسان، لكنها تحتاج التوجيه والرعاية والتعزيز في عمق الأشياء المطلوبة.
لعل تطورات الحياة وما رافقها من مفرزات الثورة التقنية والتكنولوجية، والتي غلب عليها الجانب المادي ما أثر سلبا على الجوانب الروحية والعاطفية والإنسانية بالمفهوم العائلي الجميل، فبات الإنسان غريبا حتى في بيته ومع نفسه أيضا.
لذا يعول على دور الأسرة دائما وأبدا مهمة غرس مبادئ القيم والأخلاق عند الناشئة، والنظر بسلوكيات احترام الكبير والعطف على الصغير، حتى الالتزام بأبسط المبادئ عبر التقيد بآداب الطريق، وآداب الحوار، واحترام ممتلكات الآخرين ،والحفاظ على البيئة ،ومراعاة حسن الجوار، كعادات وسلوكيات يومية، بعدما غاب إلى حد كبير مفهوم الوعي الاجتماعي في كثير من التفاصيل وبات على رف النسيان.
لذلك من الضرورة والواجب أن يتحفز الجميع كل من موقعه على تنمية الإحساس والغيرية، ولتكن البداية بإرشاد الأب والأم، الزوج والزوجة وكل من هو معني بتعزيز ايجابيات الانتماء والعمل الجماعي والخوف على مصلحة المجتمع العليا، وإذا ما تناست الأسرة وانشغلت لظرف ما عن توجيه الأبناء لهذه القيم ،كانت المدرسة هي الرديف،والبيت الثاني الذي ينمي تلك البذور السليمة عند الناشئة وكل فرد من أفراد المجتمع.
اذا الأسرة هي هوية الإنسان الأولى والفرد هو عضو فيها،فإذا كان الخطأ والاعوجاج قائم من اللبنة الأولى في تكوين الأسرة ،أي الأب والأم ، الزوج والزوجة، فلا شك أن هذه الفجوة وهذا الاعوجاج سيمتد إلى أفراد الأسرة ومنها إلى مساحة وبنية المجتمع الأوسع.
ربما معظمنا يتذكر وإلى وقت قريب كيف كانت مجمل الأسر والعائلات لاسيما الآباء والأمهات يؤكدون على أبنائهم منذ نعومة أظفارهم كما كان يفعل والدي ووالدتي ويحضونهم على عدم الكذب وقول الصدق في أي فعل يرتكبونه صغيرا كان ، أم كبيرا، فالكذب فعل مشين يسيء لصاحبه وتتضاعف ارتداداته،فيما قول الصدق ينجي ويعلي شأن الفرد في نظر أهله ومجتمعه، لذا كان من الكبائر أن يلجأ الفرد إلى الكذب، فما بالنا اليوم ممن يحللون فعل الكذب والسرقة والخيانة، والاعتداء على حقوق الآخرين، وتخريب المقدرات العامة والخاصة، والإساءة إلى الأهل والمجتمع والوطن؟.
لعلنا بأمس الحاجة اليوم إلى العودة وبقوة عبر جميع المنابر إلى ذاك البيت الرائع من الشعر.. الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعددت شعبا طيب الأعراق. لنكن كحزمة الأعواد التي تجمعت فصعب تكسرها وتكسيرها.
لنكن كمجتمع سوري أصيل بالفطرة كالجسد الواحد إذا ما اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لطالما تشكل الأسرة عامل الأمان الأول في نجاة المجتمع، ومحور العطاء الأكبر، وعامل البناء الأساس في تحصين عوامل قوة المجتمع، أدبا وتربية وأخلاقا ومسؤولية.
