الثورة أون لاين – حسين صقر:
تحويل مشاعر الغضب كالانفعال وغيره من ردود الفعل النفسية إلى نقاش وحوار ينتج أفكاراً بنّاءة تؤدي إلى خطط عمل مستقبلية ، من المحاور المهمة والهامة التي ركز عليها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته الجامعة والشاملة في الاجتماع الموسع لوزارة الأوقاف مؤخراً .
حول هذا الموضوع ومايضمره من مواقف وتداعيات كان للثورة هذه الوقفة
مع بعض الفعاليات التي أكدت أنه عندما يستطيع الإنسان تحويل الغضب إلى طاقة منتجة فإنه يعكس حالته الصحية الجيدة .
وفي هذا السياق قال الموجه التربوي الأستاذ عاطف عماد : إن الغضب هو حالة من الضّغط النّفسي الطّبيعي ، ويتمثّل بشعور قويّ يتراوح بين الانزعاج البسيط والغضب العارم ، ويرتبط بشخصيّة الفرد ومحيطه الاجتماعي ، وتراكم الأسباب المحفّزة ما يترك آثاراً نفسيّة وصحّيّة وجسديّة وفكريّة سيئة على الفرد و المجتمع ككل .
و أضاف عماد من أنسب طرق التّعامل مع الغاضب اعتماد الوعي والرّوية والحكمة ، لأن ذلك يجعل الأنسان أكثر قابليّة لضبط سلوكه ، ويدفعه للتريّث في مواجهة المواقف من خلال توظيف استراتيجيّة الحوار البنّاء الهادف الذي تتجلّى فيه الديمقراطية ، وحسن الاستماع وقبول الآخر والاحترام المتبادل المبنيّ على المودّة والتّشاركيّة في الرّأي والقرار ، فيشعر الفرد بقيمته في مجتمعه ، وعندها يتم توجيه الموقف إلى طريقه الإيجابيّ الصحيح بعيداً عن الضغط النّفسيّ والعصبي .
بدوره قال الصحفي نزار شمسين : من الصحيح أن يكون الإنسان منفعلاً ، لأن الشخص الذي لا ينفعل أبداً ولا تهزه الحوادث ، بالتأكيد فهو مصاب بتغليف لذهنه ومخه وقلبه ولا يحس بشيء ، ولكن الأهم من ذلك أن نعرف متى يكون هذا الانفعال إيجابياً ، ومتى يكون سلبياً ، لأن الإنسان الصحيح و السوي لابد أن يتفاعل مع الواقع و الأحداث ، و لابد أن تكون لتلك الأحداث تأثير عليه ، وبالتالي فإذا كان هذا الأثر موافق للشريعة فهذا هو الانفعال الإيجابي المطلوب ، وإذا كان الانفعال مضاداً للشريعة ومخالف لها فهذا هو الانفعال المذموم ، وهو ما أراد الرئيس الأسد تسليط الضوء عليه .
وأضاف شمسين المطلوب بالنهاية تحويل الغضب إلى طاقة إيجابية قابلة لتدوير النقاش ، وإعادة الجدل إلى محاوره الرئيسية ضمن قالب راق وهادئ ، وترك العقل ليتحكم بالغضب والثورة الدائرة في داخلنا ، وإدارة إلغاء دور الغرائز والأهواء .
وأشار شمسين بأن الشريعة تهذب المشاعر والعواطف ، و لا بد أن نعلم بأن الدين الحنيف قد جاء لتهذيب النفس ، وتربيتها ، وتنقية المشاعر وتهدئة الروح ، وتنحية العناصر المذمومة في الذات ، والتأكيد على استجلاب وجذب وتركيز وتأسيس العناصر الجيدة المفتقدة أو المفتقر إليها .
كما جاءت هذه الشريعة أيضاً بقواعد وضوابط للمشاعر والعواطف ، وتحويلها إلى أفكار بناءة ، ومواجهة انفعالات النفس البشرية .
وضرب شمسين مثالاً وقال : بأن كتم بعض النفوس للسر الذي لا تستطيع أن تكتمه ، قد يدخل ضمن إطار الانفعال لأن الهدوء النفسي يلعب دوراً كبيراً في هذا الاتجاه ، و قد جاء في الشريعة أوامر معينة وتوجيهات إرشادية في مسألة كتم السر ، لأن المجالس بالأمانة ، وأن الرجل إذا حدث بالحديث ثم التفت فهي أمانة ، وإن كتم السر من الإيمان والسيطرة على الانفعال ، و حسن العهد .
من ناحيته قال المهندس فندي حسون : إن الخلق السيء يظهر جلياً أثناء فورة و عنفوان الغضب ، لأنه ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، موضحاً أنه آن الأوان أن نقف وقفة مع أنفسنا ، ونعرف أن طرق التعبير الصحيح عن الغضب هي فن وعلم قبل أن تكون أسلوباً شخصياً ، فمهما كانت حالتك متأخرة أو مهما كانت المرحلة العمرية التي تنتمى إليها ، فلم يفت الأوان بعد لمعرفة هذا الأمر ، ولاسيما أن المعرفة لا حدود لها ، خاصة وإن كانت تمس حياتنا الشخصية ، وتساعدنا في بلوغ أهدافنا في التمتع بالعيش بسلام مع من حولنا .
وأضاف حسون أن الانفعالات من طبيعة النفس البشرية ، وهو ما قصده الرئيس الأسد في كلمته بجامع العثمان ، لأن الإنسان المسلم الذي يعيش في هذه الحياة يتعرض لكثير من الأمور التي تسبب انفعاله ، ولابد له أن يعلم كيف يكون الانفعال في مرضاة الله ، والله سبحانه قد خلق النفس ، وخلق فيها انفعالات ، وهذه النفس تحب وتبغض ، وترضى وتسخط ، وتغضب وتهدأ ، وتحزن وتفرح ، إلى آخر ذلك من أنواع الانفعالات التي تعتمل داخل هذه النفس ، ولكن من الأجدى تحويل تلك الانفعالات وهذا الغضب إلى ما تسمو به النفس وترتقي به الروح .
وختم ينبغي أن نرجع في تعاملنا إلى الكتاب والسنة ، لأنه مهما أتى البشر بنظريات ونتائج وأبحاث وتجارب فلا يمكن أن يأتوا بمثل ما جاء في هذا القرآن وهذه السنة الطاهرة .
وقال المهندس عادل نصر : إن ما تحدث به الرئيس الأسد عن تحويل القوى الكامنة في الغضب تعبر عن واقعنا كشعوب عربية بشكل عام وسوريين بشكل خاص ، لأن امتصاص الغضب يعكس العزيمة والإصرار والصمود أمام أي ضغوط ممنهجة ، ومن هذا المنطلق لابد من تحويل الغضب إلى عمل دؤوب في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والزراعية لدعم بلدنا والنهوض به من جديد ، والتغلب على استغلال الظرف الراهن من قبل داعمي الحرب الإرهابية الساعين إلى تدمير وخراب وطننا .
وأضاف نصر أن الغضب شعور إنساني و طبيعي يصيبنا جميعاً ، ولا نستطيع أن نمنعه ، إلا إذا احتكمنا للعقل ، ومنع الغضب من السيطرة على عواطفنا وانفعالاتنا يساهم بالتنفيس عن حالة الهيجان الثائرة في داخلنا .
وقال الأستاذ جادالله محسن : لا شك أن الغضب في الجملة خلق مذموم ، ولا شك أن هذا الغضب له أضرار كثيرة ، وعواقب وخيمة ، ومن أجل ذلك جاءت الشريعة بعلاجات لهذا الغضب ، وهو ما أراد الرئيس الأسد توضيحه في كلمته .
وأوضح محسن على هؤلاء الناس أصحاب الطبيعة الغاضبة ، و الذين تستفزهم المواقف مهما كانت بسيطة ، أن يتأملوا جيداً في علاج الشريعة لهذا الانفعال الحادث في النفس ، ويتعلموا كيف يضبطون انفعالهم هذا ، وهو انفعال الغضب ، وتحويله إلى نقاش مفيد وجدل معطاء ، وذلك عبر التعبير عما بداخلهم بهدوء وروية ، وبدل أن يقولوا ثمة مواقف أثارت حفيظتنا فاتخذنا ردوداً سلبية ، لابد من الاحتكام للعقل ، والرجوع إلى محكمته ، وقد اتفق الخبراء النفسيون في مختلف أنحاء العالم ان الأساس ليس منع الشعور بالغضب وإنما فى كيفية التعبير عنه ، فنحن نتفق أنه لا أحد منا يريد أن يعبِّر عن غضبه بطريقة تؤذي من حولنا سواء الذين نعرفهم أم الغرباء ، عندها نصل إلى مرحلة التصالح مع النفس ، ويجب على كل فرد منا أن يعرف ما هي الأسباب الحقيقية للغضب ، فإذا كانت بسيطة ، عندها ستكون ردود الفعل بالتأكيد كذلك ، وإذا كانت معقدة ، لابد من الجلوس مع الذات قليلاً قبل اتخاذ أي ردة فعل تؤذي النفس والآخرين .
وأشار أن طريقة التعبير الخاطئة عن مشاعرنا الداخلية لن تحقق لنا المطلوب ، وبالتالي ليس أمامنا سوى الهدوء والحوار ، وتحويل هذا الغضب إلى طاقة إيجابية نسعى لحل القضايا العالقة من ورائها ، وبذلك تنتهي المشكلة على أهون سبب ، ويجب أن نتفق أيضا أن الطريقة الخاطئة بحل المشكلات لن تزيل ما حدث من أضرار ، بل على العكس تفاقمها ، وهذا بالنتيجة أيضاً يعكس التربية التي نتلقاها أو تلقيناها