وجه السيد رئيس مجلس الوزراء مؤخراً وزارتي التجارة الداخلية والصناعة، لزيادة الإنتاج وعرض المنتجات في صالات السورية للتجارة.
يحظى هذا الخبر بأهمية كبيرة لعدة أسباب أولها، إصرار الحكومة السورية على إيجاد سوق حكومي، يوفر سلعاً غذائية جيدة لذوي الدخل المحدود، وبأسعار مضبوطة، بعيدة عن فوضى الربح غير المشروع.
ويتميز التوجيه الجديد، بأنه ينعش مساراً بدأ في أيار من العام الماضي، عندما رأت الحكومة السورية آنذاك، أن صالات ومجمعات السورية للتجارة يجب أن تكون رديفاً للدولة في تحسين الوضع المعيشي لذوي الدخل المحدود.
ولعل أهم ورقة رابحة للحكومة على هذا الصعيد، أن لدى وزارة الصناعة الآن عدة مصانع (شغالة) لإنتاج السلع الغذائية مثل المعلبات المختلفة للخضار والمربيات ورب البندورة والألبان والأجبان والسمنة والزبدة والزيت النباتي والحليب والحلاوة والكاتشب، والمشروبات الكحولية التي يتم إنتاجها في مصنعين حكوميين كبيرين في السويداء وحمص… الخ.
ولقد ألح مجلس الوزراء منذ عام ونصف على بيع هذه المنتجات، في صالات ومجمعات السورية للتجارة.
ومن المؤسف أن المؤسسة العامة للصناعات الغذائية لم تستجب، وبعد مرور أكثر من سنة راحت تقدم جواباً مفاده أنها تقوم بتصنيع طاولات ومنصات وبرادات لعرض تلك المنتجات، ومن المؤسف أنها لم تنته بعد.. وسط هذه المماحكات، تباهت مديرة الصناعات الغذائية آنذاك، قبل سنة تقريباً، بأنها باعت كامل إنتاج مصنع حلب للزيوت النباتية (عشرة آلاف طن) لتاجر واحد.. طبعاً المصنع بعد الصيانة يمكن أن ينتح 50 ألف طن، (ومن المتوقع أن يزداد إنتاجنا من القطن ليوفر البذور).
السورية للتجارة ذاتها، تملك مصنعاً لتعبئة زيت الزيتون، وكان مجلس الوزراء قد خصها بمليار ليرة، في شهر نيسان الماضي، لتوفير هذا الزيت في الصالات وهو جيد وأرخص من زيت القطاع الخاص الموجود في عبوات، بأسعار مرتفعة جداً على رفوف صالات السورية للتجارة، ومن المؤسف أنها لم تفعل، كما أنها تقوم بتعبئة سلع غذائية أخرى معنية بتوجيه رئاسة مجلس الوزراء ولاسيما لجهة زيادة الإنتاج.
إن ما يحدث مذهل.. وسر الذهول أن أحداً في المؤسستين لا يقف ويعلن أنه لم ينفذ للأسباب الآتية: 1_2_3.
أبداً لا جواب ولا إيضاح، وكأن مجلس الوزراء يخاطب السراب منذ عام ونصف.. وهذا هو اللامعقول.
الواقعة جديرة بالدراسة المعمقة لأن إيجاد حل لها سيفتح آفاقاً كبرى لتطوير كبير نحو الأفضل ونحو تحسين ملموس للحياة المعيشية على الرغم من زنقة أجور الدولة والقطاع العام الراهنة مع التضخم المالي غير المسبوق بسبب الحرب الظالمة على سورية والحصار الأميركي الغربي والاستيلاء على أموال السوريين في المصارف اللبنانية والامتناع عن السماح لهم بسحبها.
بحصة تسند جرة كما يقال، فلماذا نهمل هذه الحكمة؟ علماً أن كثيراً من المصانع الحكومية باتت اليوم محررة وبعضها ليس مدمراً بالكامل وقابل للترميم، وليس هناك من قرار على مستوى الدولة السورية بعدم إعادة بناء المصانع الحكومية وتطويرها، بل على العكس تماماً بدليل آخر توجيه للسيد رئيس مجلس الوزراء، ما يحفز على السعي الحماسي لاستعادة القطاع العام الصناعي بقوة..
الواقعة كما أرى كبيرة جداً معيشياً اجتماعياً واقتصادياً وإدارياً.
قلنا سابقاً يجب أن تعرفوا لماذا لا تنفذ القرارات الصائبة والجيدة والمنطقية.
ولأننا أمام صفحة جديدة، فإن الأمر الفائق الأهمية أن يتابع مجلس الوزراء تنفيذ توجيهاته وقراراته خطوة بخطوة لنربح الفرص الثمينة مع هذا التوجه الصائب.. إذ كل شيء بوقته حلو.
أروقة محلية – ميشيل خياط