يقول الخبر: ( إن نسبة 40% من السوريين أصبحوا غير قادرين نهائياً على شراء اللحوم، على حين لا يزال بين 20 إلى 25% منهم قادرين جزئياً على شرائها ولكن بكميات قليلة وعلى فترات متباعدة، وأن من يستطيعون شراء اللحوم هم النسبة الباقية وفقاً لإمكاناتهم المادية أيضاً).
الخبر في ظاهره عادي ولكن يحمل في باطنه الكثير… من الطبيعي أن ينخفض استهلاك المواطن من اللحوم طالما أن أسعارها في تحليق مستمر لا يستطيع الإمساك بها إلا نفر قليل من أصحاب الدخول العالية وقد انخفض استهلاكه من الفواكه ومن الحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان و لم تنته وزارة الزراعة من ترميم قطاع الثروة الحيوانية وعلى رأسها الأبقار كما وعدت حتى الآن, بل فتكت الأمراض بغالبية قطاع الأبقار نتيجة تأخر وزارة الزراعة بإيصال اللقاحات المطلوبة لمربي هذه المواشي, ولن ندخل في متاهات تهريب الثروة الحيوانية خارج الحدود وتقاذف المسؤوليات بين الجهات المعنية.
تزداد حياة هذا المواطن تعقيداً مع مرور الأيام فهو لا ينفك يخرج من أزمة ليدخل في أخرى…أزمات متلاحقة يقلب الحلول في رأسه دون أن يجد مخرجاً… انتظر زيادة الراتب فلم تأت انتظر انخفاض الأسعار… فطال الانتظار انتظر مازوت التدفئة بموجب البطاقة الذكية كما وعد والظاهر أنه سيمضي شتاءه مع أسرته بلا تدفئة…. أين المفر… فهو محاصر بطلبات أسرته المحقة… جيوبه فارغة لذلك اتجه إلى القروض علها تخرجه من محنته الحياتية هذه,وهو يعلم أن هذه القروض سوف تأكل راتبه المتآكل سلفا, فلم يترك قرضاً يسمح بأخذه إلا و أخذه, فأخذ قرضاً للمونة وقرضاً للقرطاسية وآخر حتى يستطيع دفع أجور ساعات الدروس الخصوصية لأولاده, هذا غيض من فيض أزمات هذا المواطن.
لماذا وصل الحال بنا إلى هذا الحد ؟!
نحن بلد زراعي وينخفض استهلاكنا من اللحوم, ومشتقات الألبان والخضار والفواكه, ومدارسنا بنيت لتعلم أبناءنا مجاناً وكان المعلم له الأولوية في الرعاية والاهتمام حتى يستطيع أن يؤدي رسالته التعليمية على أكمل وجه, فلما أهملناه؟ أهمل واجبه ودفع أولادنا الثمن مدارس خاصة ودروس خصوصية .
فهل بلغ عجز الجهات المعنية مبلغاً حتى لم تعد قادرة على ابتكار أو اجتراح حلول إسعافية تخرج هذا المواطن ولو إلى حين من براثن الحياة الصعبة التي وصل إليها بدلاً من وقوعه في براثن هذه القروض والاستدانة التي تعجل بالقضاء عليه بشكل متسارع.
عين المجتمع – ياسر حمزه