ثمة عقود بالغة الدقة والأهمية سرعان ما تحيطها أسوار من الأمان الواضح الذي ينعكس على مجريات وتفاصيل لاحقة تكون واضحة المرامي حتى قبل أن تحل، كالعقد الذكي .. بل والذهبي بامتياز الذي وقّعته المؤسسة العامة السورية للتأمين مع إدارة الخدمات الطبية العسكرية، بهدف استثمار الطاقات الكبيرة للمراكز والمشافي العسكرية، وإدخالها بقوة إلى ساحة التأمين الصحي، لتكون لاعباً بارزاً ومنافساً في هذا الميدان الواسع.
وفي الحقيقة هذه خطوة مباركة ومميزة من الجهتين المتعاقدتين من شأنها أن تفرد مظلة تأمينية واسعة أمام المؤمن عليهم من العاملين في الدولة مبدئياً مع إمكانية التوسع أكثر، ومن شأنها أن تترجم مقولة أن ( الجيش للحرب والإعمار ) من خلال استثمار طاقاته الطبية العالية، وخبرات كوادره الكبيرة بالدخول إلى هذا الميدان الرحب، ومع رجائنا بالصحة والسلامة للجميع فإننا لانشك بأن المؤمّن عليهم سوف يتفاجؤون بكفاءة وبراعة الأطباء العسكريين، وجمالية التعاطي معهم فجميعهم ضباطاً في جيشنا العربي السوري، تعاقدوا منذ سنين الدراسة الأولى في كليات الطب مع الجيش العربي السوري، ودرسوا تحت كنفه وبرعايته ليؤدوا خدماتهم في مشافيه ومراكزه، ولم يبخل عليهم الجيش يوماً بتوفير كل سبل النجاح والتحصيل العلمي في الداخل وفي الخارج، ليكونوا حاصلين على أفضل الاختصاصات، ومزودين بأحدث ما توصل إليه العلم.
كما أن الجيش وعلى مدى سنواته الطويلة، ومن خلال موازناته الغنية استطاع أن يشكل منظومة صحية عالية المستوى فعلاً، وليس فقط باستقطاب الكوادر الخبيرة سواء كان من الأطباء أم من الجهاز التمريضي والإسعافي وحتى الإداري والمالي، وإنما أيضاً بإقامة بنية طبية قوية وواسعة من خلال بناء المستشفيات الضخمة والمتوسطة، والتخصصية أحياناً كمستشفى حاميش – مثلاً – الشهير بمعالجاته الفيزيائية، إضافة إلى عدد كبير من المراكز والمستوصفات، وتزويد هذه البنية بأفضل المعدات والتجهيزات.
هذه المنظومة ستنخرط اليوم في مجال الخدمات الطبية الواسعة للمدنيين ولن تبقى مقتصرة على الأخوة العسكريين وعائلاتهم كما هي الآن، فهي اليوم أمام نقطة انطلاق ستجعل منها منظومة قوية أكثر، لا بل ومنافسة، إذ تطرح خدماتها بأسعار جذابة تنعكس على المؤمن عليهم بمنحهم مروحة أوسع لما تتيحه لهم بطاقة التأمين الصحي، ما يجعل هذه المنظومة في مقدمة المنافسين، ولاشك أنها ستكسب الكثير أمام طاقاتها الكبيرة وكوادرها الخبيرة.
في الحقيقة لدينا طاقات هائلة هكذا وأكثر، ولا تحتاج إلا إلى من يحركها ويكون جاداً باستثمارها ووضعها في المكان الصحيح
على الملأ- علي محمود جديد