الثورة أون لاين – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة:
لم يكشف بعض العرب عن وجههم التطبيعي القبيح مع الكيان الإسرائيلي كما كان الحال في العام 2020، ولم تتسارع خطواتهم المجانية الرخيصة نحو هذا الكيان الغاصب، وبهذا الشكل المهين، كما كانت خلال محطاته وشهوره.
فحكام مشيخاتهم فتحوا بوابات قصورهم وبلاطاتهم للإرهابي نتنياهو، وافتتحوا سفارات لكيانه في عواصمهم، وطار المستوطنون الصهاينة في أجوائهم وحطوا رحالهم في شوارع مدنهم وأسواقهم وأبراجهم، يسرحون ويمرحون دون حتى الحصول على تأشيرات أو “فيزا” ما زالت شرطاً لاستقبال المواطنين العرب من أبناء جلدتهم حتى يومنا الراهن.
وإذا كان الهدف الإسرائيلي والأميركي من وراء تلك الخطوات التطبيعية هو التمهيد لتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وتالياً خدمة الأمن الصهيوني، عبر تمرير صفقة القرن التي تمهّد لنسف حقوق الشعب الفلسطيني، وطيّ صفحة مقاومته للكيان الإسرائيلي، فإن هدف العدو هذا يمكن فهمه لأنه يريد تحقيق أجنداته العدوانية، أما الغريب فهو أن يقدم صاحب البيت وصاحب القضية التي تاجر بها على مدى عقود على التطبيع المجاني مع هذا العدو، ويفتح حدود بلاده وأجوائها له دون أي ثمن، بل حتى قبل أن يعترف هذا العدو بأي حق اغتصبه، ولم يعد شبراً واحداً من أرض احتلها في الجولان أو فلسطين المحتلتين.
رحل عام التطبيع المجاني السافر دون أن يدرك المطبعون أن خطواتهم لا تتجاوز حدود قصورهم، وسيبقى تطبيعهم الرخيص في حدوده الرسمية، أما الشعوب الحية المقاومة فلن تأبه بما قاموا به ولن تعره اهتمامها، وستطوي في قادم الأيام كل ما اقترفوه في أدراج النسيان، فالشعوب لا تعنيها الاتفاقات المعقودة من وراء ظهورها ولا تعنيها غطرسة القوى العظمى وخنوع التابعين لها.
الشعوب الحية المقاومة لا يعنيها إلا استعادة حقوقها وبناء مستقبل أبنائها بشرف وكرامة، ولهذا فهي بدل منح الكيان الغاصب ميزة التطبيع بلا ثمن وبشكل مجاني فإنها ترسخ في أذهان أجيالها الانتماء للأرض والهوية والثقافة النضالية ضد المحتل الصهيوني ومشغليه الغربيين أعداء الإنسانية.
وإذا كان البعض من المطبعين يسعى لانفراط العقد العربي الرسمي من خلال خطواته التطبيعية، فإن بصيرته ما زال يغيب عنها أن التطبيع الشعبي لن يكون، وأن أصحاب الأرض والحق لن يسمحوا بتمدد الكيان الإرهابي الغاصب إلى مدنهم وقراهم، وانتفاضاتهم ضد المحتل الصهيوني وأدواته من المهرولين نحو التطبيع المجاني صارت على الأبواب.