الثورة أون لاين:
ربما يسأل البعض هل من الضرورة بمكان أن يكون مفتتح العام الجديد الحديث عن الإعلام وأي إعلام … هل بقي للإعلام في العالم لون واحد… وماذا عنه في عالمنا نحن، العالم الذي إن قلنا عنه أنه ثالث أو رابع قد نكون منصفين من جهة التصنيف الحضاري.. والحضارة ليست مقياساً لأنها منجز مادي قد يكون أكثر من رديء.
ولكن من حقنا وبثقة أن نقول إنه عالم القيم والثقافة والعمل والبناء والإنسانية التي تبقى الغاية والهدف الأنبل والأشمل والأسمى.
هذا العالم الثر بكل الخير والعمل هو في عين الإعصار الغربي من الاستعمار القديم إلى ما تفتقت عنه أميركا وتحالف العلوم كلها المنصب في الإعلام والغاية تدجين العالم وهندسة الإنسان كما تريد بيوتات المال العالمي.
وهل من وسيلة أكثر فاعلية من الإعلام الذي يتم تسخير كل شيء ليكون في خدمته.. سكينر عالم النفس الأميركي وضع كتاباً مهماً عنوانه “تكنولوجيا السلوك الإنساني” وفيه يكشف كيف يمكن تدجين أي شعب ومن قبله فعل ذلك جون ديوي الذي قال ذات مرة…قل لي أي شعب داجن تريد لأعطيك إياه.
وبغض النظر عن لهجة الثقة التي تبدو في خطابه وهي جزء من الدعاية النفسية.. فان العمل الأميركي لم يتوقف لحظة ما للوصول إلى سلاح الإبادة الفكرية الشاملة.
من مدافع هوليود إلى الليل الأزرق وطين الفيسبوك ومشتقاته ومحركات البحث الكبرى غوغل وما تضعه أمامك شئت أم أبيت.
هذا الإعلام كما يقول نعوم تشومسكي هو الآن يهيمن على العام ويهندسه ويدفع بالرأي العام العالمي وفق رياح المصالح الأميركية.
وقد بدأ ذلك كما يقول تشومسكي في كتابه المهم هيمنة الإعلام..الإنجازات المذهلة للدعاية ..بدأ منذ عام ١٩١٦م حين عملت لجنة كريل أيام ويلسون على تأليب الرأي العام الأميركي ليكون جاهزاً ومؤيداً للحروب التي تستعد لها واشنطن.. وفعلاً نجحت واشنطن بذلك تماماً.. ليخلص تشومسكي إلى القول.. لكن ما كانوا يسعون إليه بحسم هو الهيمنة على تفكير المزيد من المفكرين في المجتمع الأميركي الذين سينشرون عندئذ الدعاية التي يلفّقونها ويحولون البلاد ذات النزعة إلى الهدوء والسلام إلى هيستريا زمن الحرب وتحقيق ذلك الهدف بصورة جيدة تماماً.
وكان درساً هو أن دعاية الدولة عندما تدعمها الطبقات المثقفة وعندما لا يسمح لها بالانحراف عنها، تستطيع تحقيق نتائج كبيرة، تعلم هتلر وسواه الدرس وما زال يتبع حتى يومنا هذا… كما يرى تشومسكي.
على ما تقدم لا بدّ من طرح أكثر من سؤال وبألم، هل نحن نمارس دورنا الإعلامي تماماً، وكيف، أين نجحنا، وأين أخفقنا، هل نحن اليوم نركب موجة الأزرق الهلامي دون الجذور.
لن نجلد أنفسنا، فما حققه الإعلامي السوري يكاد يكون معجزة حقيقية وما زال الدرب طويلاً وربما الزاد الثقافي والتنويري والمعرفي والمادي فيه يحتاج إلى أكثر مما هو الآن، وفي مواجهة ذلك الإعلام الهلامي رسالتنا تتجدد وتثرى كل يوم بالجديد ولا بدّ من صنعاء وإن طال السفر.. ننتظر جذورنا.