الثورة أون لاين- فاتن حسن عادله:
إجراءات الديمقراطيين وتحركاتهم تمضي لعزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أن أصبح في عرفهم رجلاً خطيراً، كشفت عنه بشكل أكثر وضوحاً مهاجمة أنصاره للكونغرس الأربعاء الماضي، في محاولة منه لمنع المصادقة على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن.
ومع هذه الفوضى الترامبية التي يبدو أنها أحدثت شرخاً كبيراً وتصدعاً سياسياً لن يمحى من الذاكرة الأميركية، يبدو واضحا أن المسؤولين الأميركيين، ديمقراطيين كانوا أم جمهوريين، يريدون التنصل من كل الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة بعهد ترامب، ورمي كل أوساخ السياسة الأميركية في سلة ترامب، وتحميله وحده المسؤولية الكاملة عن انكشاف الصورة الحقيقية لأميركا بعدما أسقط ترامب القناع عنها، ومن هنا تأتي لائحة الاتهام الطويلة من قبل مجلس النواب في إطار السعي لعزله في الأيام المتبقية من عمره السياسي، لتؤكد أن الساسة الأميركيين يسعون لتلميع صورتهم على حساب رئيس متغطرس وقفوا طوال فترة رئاسته إلى جانبه، وساندوه بكل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعوب.
ومع هذا المشهد السياسي والرئاسي الذي بات مكشوفاً ومفضوحا نشر مجلس النواب بالكونغرس الأمريكي اليوم الاثنين، مشروع قانون يدعو إلى عزل ترامب، ويتهمه بارتكاب “جرائم وتجاوزات بالغة” في ظل حادث اقتحام الكابيتول.
وقال مؤلفو الوثيقة التي من المتوقع أن يتم عرضها على أعضاء مجلس النواب من قبل الديمقراطي، ديفيد ساسيليني، إن ترامب، “في انتهاك للقسم الذي قطعه بموجب الدستور، تورط في ارتكاب جرائم وتجاوزات بالغة عبر التحريض على العنف ضد حكومة الولايات المتحدة”.
وأشارت الوثيقة إلى أن ترامب أصدر مرارا وتكرارا ادعاءات كاذبة تزعم أن نتائج الانتخابات الرئاسية كانت ناجمة عن تزوير واسع ويجب عدم قبولها من قبل الشعب الأمريكي، مذكرة بإعلان الرئيس الحالي فوزه في السباق الرئاسي ودعا “للقتال الشيطاني” أمام حشد من أنصاره يوم 6 كانون الثاني، تزامنا مع جلسات الكونغرس لإقرار نتائج التصويت.
واعتبر معدو مشروع القرار أن ترامب حرض أنصاره على اقتحام الكونغرس وممارسة النهب والدمار والقتل فيه، مشددين على أنه أظهر بذلك أنه سيبقى مصدر تهديد للأمن القومي والديمقراطية والدستور حال السماح له بالبقاء في منصبه.
ودعت الوثيقة إلى “عزل ترامب ومحاكمته وإبعاده من مكتبه” مع منعه من تولي أي منصب في الولايات المتحدة.
رئيس اللجنة التنظيمية في مجلس النواب الأميركي قال في هذا الصدد: إن جلسة يوم الأربعاء ستناقش مساءلة وعزل ترامب من منصبه قبل تسلم بايدن مقاليد الحكم في 20 الشهر الجاري.
و قال عضو الكونغرس الديمقراطي جيم ماكجفرن لشبكة “سي إن إن” اليوم: “من المهم أن نتحرك ومن المهم أن نتصرف بجدية شديدة وبشكل مقصود.. نتوقع طرح القضية على جدول الأعمال يوم الأربعاء.. وأتوقع الموافقة عليها”، معبراً عن اعتقاده أن الجمهوريين في مجلس النواب سيعارضون قرارا يطالب نائب الرئيس مايك بنس بتطبيق التعديل الـ 25 على دستور الولايات المتحدة وإزاحة ترامب من السلطة، مضيفاً، في هذه الحالة ستقوم اللجنة التنظيمية بإحالة موضوع القرار إلى التصويت العام، وبعد 24 ساعة، ستطرح قرارا آخر بشأن العزل للتصويت.
خطورة ترامب هذه استدعت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للتأكيد أن المجلس سيصوت أوائل الأسبوع على مشروع قرار يحث بنس على تسلم مقاليد الحكم، وذكرت في رسالة إلى المشرعين الديمقراطيين أن زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ستيني هوير سيطلب اليوم الاثنين الموافقة بالإجماع على طرح مشروع القرار الذي أعده النائب جايمي راسكين، موضحة أن هذا التشريع يحث بنس على عقد اجتماع لمجلس الوزراء والمضي قدما في تفعيل التعديل الـ25 الذي ينص على تسليم مقاليد الحكم إلى نائب الرئيس في ظروف منها وفاة رئيس الدولة أو فقدانه القدرة على أداء مهام الرئاسة.
وحول ما إذا كان هناك ثمة تعقيدات أو عراقيل قد توضع أمام هذه الإجراءات قالت: إنه إذا لم تتم الموافقة بالإجماع، فسيطرح التشريع على التصويت في اليوم اللاحق (الثلاثاء)، مضيفة أنه سيطلب من بنس التجاوب مع هذه الدعوة في غضون 24 ساعة، وبعد انقضاء هذه الفترة سيتم إطلاق إجراءات العزل بحق ترامب داخل مجلس النواب، معبرة عن ذلك بالقول: إنه “من أجل حماية دستورنا وديمقراطيتنا، يتعين علينا التصرف بشكل عاجل لأن هذا الرئيس يشكل خطرا وشيكا على كليهما”.
أما رئيس شرطة الكابيتول المستقيل، ستيفن سوند، فكشف أن مسؤولي الأمن في الكونغرس ترددوا في اتخاذ خطوات رسمية لاستنفار الحرس الوطني قبل يومين من الجلسة، رغم ترجيح استخبارات الشرطة أن يكون الحشد المتدفق أكبر بكثير من التظاهرات المؤيدة لترامب التي سبقت ذلك بأيام.
وفي مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست”، قال سوند الذي استقال بعد أحداث الكابيتول، إنه طلب المساعدة 5 مرات يوم الجلسة “لأن المشهد على أرض الكابيتول
كان أكثر خطورة مما تخيل، فأرسلت شرطة العاصمة بسرعة مئات الضباط، لكن العدد لم يكن كافيا.. لذلك طلب سوند من البنتاغون عبر الهاتف إرسال “مساعدة طارئة وعاجلة من الحرس الوطني”، غير أن مدير أركان الجيش الجنرال والتر بيات، قال إنه لا يستطيع التوصية بالموافقة على الطلب لأنه “لا يحب مشهد الحرس الوطني مصطفاً كالشرطة ومبنى الكابيتول في الخلفية”.
وبين أن أفراد الحرس الوطني لم يصلوا إلى مبنى الكابيتول إلا بعد أكثر من 5 ساعات، توفي خلالها 4 أشخاص، ولاحقاً توفي ضابط متأثراً بجراحه.. وفي اليوم التالي، قدّم سوند استقالته ليلحق به ستينجر وإيرفينغ تحت ضغط المشرعين.