الثورة أون لاين- فؤاد الوادي:
هي بلا شك (ديمقراطية الموت والإرهاب) التي صنعتها وصدرتها وأنتجتها الولايات المتحدة الأميركية لتغزو العالم وتسيطر على مراكز ومصادر الطاقة والقوة فيها، من أجل أن تحقق أطماعها التوسعية وتحافظ على وجودها الاستراتيجي كقوة متحكمة بمفاتيح العالم ومهيمنة على مقدراته، وليس كقوة تحفظ الحريات وتحمي حقوق الإنسان وتنشر الديمقراطية، كما تروج وتزعم وتتذرع، فما ترتكبه الولايات المتحدة يأتي في سياق تحقيق أطماعها ومشاريعها الاحتلالية والاستعمارية حول العالم ليس أكثر.
إن ما جرى خلال الأيام الماضية داخل حصون الديمقراطية الأميركية المزعومة كان متوقع الحدوث، كنتيجة طبيعية للسياق العبثي الذي تقوم عليه الاستراتيجية الأميركية بشكل عام ونقصد هنا ما يصطلح عليه بالدولة العميقة، فالسلوك المفرط في حماقة وتهور وبلاهة الرئيس ترامب المنتهية ولايته، أغرى المتنفذين وأصحاب القرار في الدولة العميقة، ما دفعهم لغض البصر عنه وتجاوز أخطائه وخطاياه، لاسيما أنه كان يحتمي بلوبيات المال والسلطة والاقتصاد وخاصة اللوبي الصهيوني الفاعل في أميركا.
الغضب الرسمي والسياسي الأميركي المتدحرج والذي لا يزال يلقي بثقله على المؤسسات والمواقف الرسمية والسياسية الأميركية، لجهة محاسبة المتورطين والمسؤولين عن هذا التمرد السافر على المبادئ والقيم والقوانين التي قامت ونشأت عليها الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم ترامب، هو في حقيقة الأمر لا يهدف للحفاظ على قيم ومبادئ الديمقراطية الأميركية المزعومة، بل هو من أجل حفظ ماء الوجه وتشتيت الانتباه عن الوجه الحقيقي للديمقراطية الأميركية والذي أظهرته الممارسات الإرهابية التي قام بها إرهابيو ترامب وبأوامر شخصية منه – دون أن ننسى ونحن نتحدث عن المبادئ والقيم الأميركية المزعومة أن الإمبراطورية الأميركية لم تقم أساسا على أي مبادئ وقيم إنسانية أو أخلاقية، بل قامت ونشأت على القتل والمذابح والمجازر بحق أصحاب الأرض الحقيقيين، فعن أي قيم ومبادئ يتحدثون، هنا السؤال الرئيس والإشكالية الكارثية والجدلية التي تصطدم بها الذاكرة والمقاربات السياسية والإيديولوجية الموضوعية للسياسات والاستراتيجيات الأميركية على وجه العموم، ولاسيما أن تلك الإمبراطورية لا تزال تسير بنفس النهج وذات الطريق للوصول إلى مآربها وأهدافها الاستعمارية، وهو طريق الهيمنة والطغيان والقوة القاهرة، والذي تجلى في الحرب العالمية الثانية بشكل صارخ عندما تفننت وأبدعت الغطرسة الأميركية في استخدام قوتها العسكرية عبر إلقاء قنبلتين نووييتن على مدينتي ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين رغم استسلام اليابان وخسارتها للحرب.
إن ما شهدته واشنطن من تمرد على أهم رمز من رموزها – مبنى الكابيتول- الذي يعتبره الأميركيون رمزاً لديمقراطيتهم المزعومة، ويراه الكثير من شعوب العالم رمزاً لدعم الإرهاب واتخاذ قرارات الحروب والقتل والاحتلال بحق الشعوب والأمم الأخرى، يقدم الصورة الحقيقية لما عليه أميركا اليوم، غير أن أميركا قبل هذا التاريخ لن تكون كما قبله، فما جرى سوف يشرع الأبواب على الكثير من الاحتمالات، فالعالم قد شاهد بأم عينيه وربما للمرة الأولى أن الأميركيين لا يحترمون قيمهم أو رموزهم فكيف لهم أن يحترموا قيم ورموز الشعوب والأمم الأخرى أو يكونوا نموذجا يصلح للاقتداء به .
