الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
الخوف من اندلاع أعمال عنف ضخمة وفوضى عارمة وقتلى وضحايا في واشنطن، بالتزامن مع تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 الشهر الجاري، هو المشهد الذي يرسم صورته هذه الأيام السياسيون الأميركيون وقبيل أسبوع فاصل على حفل التنصيب، على خلفية مشهد اقتحام مبنى الكابيتول من قبل ترامب، باعتبار أن ما جرى يؤسس لتلك الأعمال بشكل جنوني وأكثر اتساعاً ليشمل كل الساحة الأميركية، وزاد منها تمسك ترامب بتهوره وعدم الإقرار بهزيمته حتى الآن، ولتكون محاولة عزله الثانية ضربة قوية يستثمرها الديمقراطيون على أمل أن تصيب هدفها.
التحذيرات من حلقات العنف المسلحة والفوضى هذه أتت مع إعلان وزير الأمن الداخلي بالوكالة تشاد وولف أمس الاثنين استقالته في خطوة مفاجئة، فيما عين مدير الوكالة الفيدرالية للأوضاع الطارئة بيت غاينور ليحل محله، في خطوة اعتبرت أنها لم تضع حدا للتساؤلات بشأن أمن العاصمة الفيدرالية خلال الأسبوع المقبل، في وقت يكثف المسؤولون المحليون وقوات الأمن الجهود لمنع وقوع أعمال عنف جديدة.
مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) كان قد حذر في وثيقة داخلية بأن أنصارا لترامب يخططون للقيام بتظاهرات مسلحة في الولايات الخمسين خلال الفترة الممتدة من نهاية الأسبوع إلى موعد أداء بايدن اليمين الدستورية، وفق ما كشفت وسائل إعلام.
ووسط هذا الخوف من فوضى انتشار السلاح الذي أباحه ترامب في ولايته، أعلن البيت الأبيض في بيان أنه تم إعلان حال طوارئ في واشنطن نتيجة للظروف الطارئة الناتجة عن مراسم تنصيب الرئيس الـ 46 من 11 الشهر الجاري إلى 24 منه 2021م”.
وبينما يواصل المسؤولون الفيدراليون والمحليون تبادل الاتهامات بشأن مسؤولية الأحداث التي شهدتها واشنطن الأربعاء الماضي، أعلن البنتاغون أنه سمح بنشر 15 ألف عنصر من الحرس الوطني خلال مراسم تنصيب بايدن، وأن هذه القوات ستجهز بمعدات وأسلحة مكافحة الشغب، غير أنه لم يسمح لها حتى الآن بحمل أسلحة في شوارع العاصمة الفيدرالية.
ومع هذا المشهد الأمني غير المستقر والمتخلخل فإن التحضيرات للمراسم تجري بوتيرة سريعة، ولاسيما مع إقامة سياج أمني حول محيط مبنى الكونغرس حيث سيؤدي بايدن اليمين الدستورية خلفا لترامب، فيما قالت لجنة تنظيم حفل أداء اليمين: إن “أميركا الموحدة” سيكون شعار حفل تنصيب الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة.
وأمام هذه المخاطر الأمنية دعت رئيسة بلدية واشنطن موريال باوزر أنصار بايدن إلى تفادي القدوم إلى العاصمة يوم تنصيبه، بل المشاركة عبر الإنترنت”.
ويواجه الرئيس الديمقراطي المقبل مهمة صعبة تقضي بتضميد جراح بلد يعاني أزمة صحية واقتصادية ويشهد انقساما حادا وتوترا عرقيا، وتجري التحضيرات لانتقال السلطة في وقت يسعى الديمقراطيون لعزل ترامب ولو قبل أيام من انتهاء ولايته، لاتهامه بالوقوف خلف “حركة التمرد” و”محاولة الانقلاب” الأسبوع الماضي.
واستباقاً لجلسة الغد، التقى ترامب ونائبه مايك بنس مساء أمس في البيت الأبيض، ما يعكس نيتهما في تشكيل جبهة موحدة في مواجهة الديمقراطيين الذين يطالبون برحيل ترامب فوراً.
ووفقاً للتحليلات فإن هذا عمليا يعني أن ترامب لا يعتزم الاستقالة قبل انتهاء ولايته، موعد تنصيب بايدن، كما يعني أيضا أن بنس لا يعتزم من جهته تنحية الرئيس بموجب التعديل الـ25 للدستور الذي يجيز لنائب الرئيس بالاتفاق مع أغلبية أعضاء الحكومة تنحية الرئيس إذا ما ارتأوا أنّه “غير أهل لتحمل أعباء منصبه”.
ويبقى ترامب مهددا بعقوبة قد تطبع مستقبله السياسي وتدخل تاريخ الولايات المتحدة، فقد يصبح أول رئيس أميركي يواجه مرتين نص اتهام في الكونغرس ضمن إجراء عزل.
وسينظر الكونغرس في نص الاتهام غداً الأربعاء على أن يجري تصويتا في اليوم نفسه، وسط توقعات أن يتم تبني النص بسهولة إذ يدعمه عدد كبير من الديمقراطيين في مجلس النواب، ما يعني فتح إجراء عزل ثان بحقه، وهنا ثمة شكوك تحيط بمسار ونتيجة المحاكمة التي يفترض أن تجري لاحقا في مجلس الشيوخ والذي يعد حاليا غالبية جمهورية، وسيتولى الديمقراطيون السيطرة عليه في 20 الجاري لكنهم سيكونون بحاجة لجمع أصوات العديد من الجمهوريين من أجل بلوغ غالبية الثلثين المطلوبة لإدانة ترامب