الثورة أون لابن – يمن سليمان عباس:
مازالت العلاقة الثقافية والفكرية والاجتماعية التي جمعت سارتر وسيمون دوبوفوار لغزاً غامضاً كل يوم تتكشف بعض أوراقه ..
معا كانا رمزاً للحراك الثقافي والفكري ، جالا في العالم ، ووقفا مع القضايا العادلة ولاسيما العربية ، ولكن سارتر نقض مواقفه بعد أن تسلط عليه مدير أعماله وأخذه إلى مكان آخر من خلال الغزو الصهيوني له وهذه قصة طويلة..
سيمون ظلت تتابع نشاطها الفكري والثقافي ولاسيما في مجال التحرر الأنثوي من ربقة العادات والتقاليد وغير ذلك ..
وثمة من يرى أن العلاقة بينهما تشظت بعد أن وقع سارتر بشبك الفتيات اليهوديات عن طريق سكرتيره أو مدير أعماله .
الجديد في هذه السيرة كتاب
مراسم الوداع ، وحوارات مع جان بول سارتر ..الذي صدر عن دار التكوين بدمشق
وهو من ترجمة الدكتور قاسم مقداد ..
تقول سيمون :
قالَ لي سارتر ذاتَ مطلعِ صيفٍ ، وكأنَّنا سنفترقُ لشهرٍ واحدٍ : «إذاً هي مراسم الوداع؟» فغمرني شعورٌ بمعنى مَا ستكونُ عليهِ هذهِ الكلمات ذاتَ يومٍ . استمرَّت تلك المراسمُ عشر سنوات ، وهي السنوات العشر التي أرويها في هذا الكتاب .
«مراسم الوداع»
أَجريتُ هذه الحوارات مع سارتر خلالَ صيفِ عام 1974 في روما وباريس مع بدايةِ الخريف . كان في بعضِ الأحيانِ مُتعباً ، فيجيبُني بشكلٍّ غيرِ واضح ، أو ربَّما كنتُ أفتقرُ إلى الإلهامِ ، فأطرحُ أسئلةً لا معنى لها ، حَذفتُ بعضَ الحواراتِ الَّتي بدت لي من دون أهميَّة ، أمَّا الأُخرى ؛ فجمعتُها بحسبِ موضوعاتِها ، وتدرُّجِها الزَّمني تقريباً ، وحاولتُ أن أضعَها في صيغةٍ مقروءة .
ثمَّةَ فرقٌ شاسعٌ ، كما نعرف ، بين أقوالٍ جُمعت مُسجَّلةً في آلةِ تسجيل ، ونصوصٍ مكتوبةٍ بشكلٍ صحيح ، لكنِّي لم أحاولْ كتابتَها بالمعنى الأدبيِّ للكلمة ، لأنِّي أردتُ الحفاظَ على عفويِّتها ، لذلكَ سيجدُ القارئُ فيها مقاطعَ غيرَ مترابطة ، وتلكؤاً ، وتكراراً ، بل وتناقضاتٍ أيضاً ؛ أبقيتُها على حالِها لأنِّي خشيتُ تشويهَ كلماتِ سارتر ، أو التَّضحيةَ بإيحاءاتِها .
إنَّها لا تُضيفُ إليه كشفاً غيرَ منتظر ، لكنَّها تسمحُ للقارئ بمتابعةِ متاهاتِ فكرهِ والاستماعِ إلى صوتِه الحيِّ .
كثيرة هي الأسرار التي لم تنشر بعد ولم تجد من يبحث عنها لاسيما في حياة سارتر وبغض النظر عما في هذا الكتاب من وثائق وقضايا … علينا أن ننتظر الكثير مما سيكون يوما ما .
جان بول سارتر
سيمون دي بوفوار
ترجمة دكتور قاسم المقداد
كتب2021