أي مستقبل ينتظر النظام السياسي الأمريكي بعد أحداث الكابيتول

الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:

كشفت الأحداث الدرامية الهوليودية لاقتحام مبنى الكابيتول من قبل أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في السادس من الشهر الجاري ، هشاشة “الديمقراطية” الأمريكية وعرَّت الليبرالية الجديدة التي أفرزتها ، حيث منحت شخصاً مثل ترامب حرية تحويل أمريكا والعالم إلى أجواء من الفوضى والمواقف المتوترة ، فكانت أحداث الكابيتول حلقة من حلقات مسلسل رفضه لنتيجة الانتخابات الرئاسية ، وتمسكه بالبقاء في البيت الأبيض ، حيث دعا أنصاره إلى عرقلة تسلم بايدن الرئاسة بحجة تزوير الانتخابات واللعب بنتائجها .
في كل الأحوال إن صح ادعاء ترامب أم لم يصح ، فإن الأسلوب الفظ في التعبير عن رفضه لنتائج الانتخابات ودعوة أنصاره لاقتحام مبنى الكابيتول ، كلها مؤشرات تضع “الديمقراطية” بالنسخة الأمريكية على المحك ، وتكشف عدم قناعة وإيمان الكثير من الأميركيين بالديمقراطية التي تروج لها السياسة الأمريكية .
ولعل السؤال المطروح اليوم أي مستقبل ينتظر النظام السياسي الأمريكي ، وأي مستقبل ينتظر الحزب الجمهوري ؟.
من المعروف أن النظام السياسي الأمريكي يقوم على تنافس حزبين رئيسين فقط في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ، إذ لا توجد أحزاب سياسية أخرى قادرة على منافستهما ، فهل ذلك أمر غير مسموح به دستوريا ؟.
في الحقيقة لا توجد قوانين تنص على ذلك بل يسمح الدستور الأميركي بقيام أحزاب اخرى ، لكن المكونات الاجتماعية والسياسية المهيمنة ، التي ترسخت منذ قيام النظام الأمريكي قبل مئتي عام فرضت هذا الوضع القائم كنوع من التوازن السياسي والاجتماعي ، حيث يتبادل الحزبان الأدوار في المعارضة والسلطة ، بين من يسيطر على الكونغرس وبين من يسيطر على الرئاسة .. وأحيانا تتوازن قوى الحزبين في مجلسي الكونغرس الشيوخ والنواب .. وأحيانا يكون الرئيس من حزب ، بينما الأغلبية في الكونغرس تكون من الحزب المنافس ، وهذه الصورة النمطية للنظام السياسي لا تأتي بجديد ولابمنافسين جدد .
وفي حال وجود تهديد لذلك سيختلف الأمر ، وليس أدل على ذلك من شيوع المكارثية بمختلف أشكالها عند أي تهديد محتمل لتوازنات القوى القائمة ، والتي يمثلها وجود الحزبين الرئيسين ، و غياب أحد الحزبين الرئيسين عن الساحة السياسية مع عدم وجود أحزاب أخرى منافسة ، يحمل معنى واحدا فقط ، هو سقوط النظام السياسي الأمريكي الهش ، وذلك ما لاتسمح به القوى الفاعلة في صناعة السياسية الأمريكية ، سواء في مجموعة المصالح أو ما يسمى الدولة العميقة ، أو القوى الاجتماعية المهيمنة ، والمتمثلة حالياً بالطبقة الارستقراطية ، التي تقود الحزب الجمهوري أو الطبقة المتوسطة ، التي يمثلها الحزب الديمقراطي ، ما يعني أنه لاتوجد ديمقراطية حقيقية في هذا النظام السياسي المعقد وهو ما يهدده بالسقوط .
من هنا نفهم لماذا تحدث جو بايدن عن أهمية عودة التماسك والوحدة للحزب الجمهوري ، لأن تفكك الحزب وانقسامه بسبب مواقف ترامب وتصرفاته يضعف المعارضة للحزب الديمقراطي ، وهو ما يترك فراغاً سياسياً هائلاً في النظام الأمريكي ، قد تسده قوى أخرى غير مرغوب بها من خارج الحزبين ، وهو ما يتعارض مع شكل النظام الحالي ، ويعرض مصالح الحزبين والقوى الاجتماعية التي تقف خلفهما للمخاطر .
فالأعمال الفوضوية المتهورة التي قام بها أنصار ترامب باقتحام الكابيتول تكشف عن مخاطر كبيرة تدخل النظام السياسي الأمريكي في متاهات وخيارات خطيرة ، وتؤكد أن النموذج الأمريكي الليبرالي للديمقراطية دخل في حلقة مفرغة ومصير غير واضح المعالم ، ويتهدده بالسقوط أو الانقسام الذي ترسخه الانتخابات الأمريكية عادة .
ومن هنا نفهم أيضا لماذا تراجع ترامب عن خطابه التحريضي على التظاهر ، واكتساح مبنى الكابيتول ، ويبدو أن ذلك تم بضغط من قادة الجمهوريين أو جهات أخرى مهيمنة ، بسبب الخشية من ضياع الحزب ، وتعرضه للانقسام والانهيار ، وليس أمامهم الآن سوى تجاوز مرحلة ترامب وإصلاح ما أفسده وألحقه بسمعة الحزب داخل الولايات المتحدة وخارجها ، وخاصة أن ترامب يواجه حملة في الكونغرس لعزله ، في حالة غير مسبوقة في التاريخ الأميركي ، وتحديه للشرعية برفض نتائج الانتخابات الرئاسية والالتفاف عليها وبث الأكاذيب حولها ، ومحاولته تعطيل جلسة الكونغرس التي صادقت على فوز بايدن ، ومن يرى الاستنفار الأمني في واشنطن عشية تنصيب بايدن يدرك الشرخ الذي أحدثه ترامب في المشهد الأميركي عموماً

آخر الأخبار
حملة فبركات ممنهجة تستهدف مؤسسات الدولة السورية.. روايات زائفة ومحاولات لإثارة الفتنة مع اقتراب العام الدراسي الجديد...  شكاوى بدرعا من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية  برامج تدريبية جديدة في قطاع السياحة والفندقة إلغاء "قيصر".. بين تبدل أولويات واشنطن وإعادة التموضع في الشرق الأوسط دعم مصر لسوريا..  رفض الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية  تطوير التشريعات والقوانين لتنفيذ اتفاقيات معرض دمشق الدولي أزمة المياه تتجاوز حدود سوريا لتشكل تحدياً إقليمياً وأمنياً "كهرباء القنيطرة": الحفاظ على جاهزية الشبكة واستقرار التغذية للمشتركين جهود لإعادة تأهيل مستشفيي المليحة وكفربطنا إشارات ذكية وتدريب نوعي لرفع كفاءة كوادر المرور أسدل ستارته..  معرض دمشق.. منصة تشاركية للاستثمار والعمل   إعادة الأموال المنهوبة… بين البعد السياسي والاقتصادي لإعمار سوريا  الدفاع المدني يجدد المطالبة بالإفراج عن حمزة العمارين المختطف في السويداء  الداخلية العراقية تنفي رواية روجها "الحشد الشعبي" بوقوع اشتباكات مع مسلحين على الحدود السورية  وزير المالية: ما تحقق في المعرض إنجاز وطني كبير  إغلاق تراخيص التأمين والتمويل العقاري  الجامعة العربية تدين التوغلات الإسرائيلية وتؤكد دعمها لوحدة سوريا واستعادة الجولان  سوريا في قلب أزمة جفاف غير مسبوقة تهدد الأمن الغذائي  "فورين بوليسي": الشرع أمام اختبار إعادة بناء سوريا  صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان