الثورة أون لاين – ناصر منذر:
فضائح الحكومة الهولندية التي يتزعمها مارك روته تتكشف تباعا، لتضع هذه الحكومة موضع المساءلة القانونية والأخلاقية، وتطرح الكثير من التساؤلات حول أفعالها المشينة والقذرة التي تدحض كل مزاعمها بشأن حقوق الإنسان، فهي لم تكتف بدعم التنظيمات الإرهابية في سورية تنفيذا لأوامر سيدها الأميركي، وإنما تعمدت انتهاج أساليب اللصوصية لإجبارها آلاف العائلات الهولندية التي تنتمي في الغالب لجذور من الأقليات والمهاجرين لإعادة آلاف اليوروهات بتهمة حصولها على مساعدات اجتماعية عبر الاحتيال، إلا أن هذه التهمة سرعان ما ثبت بطلانها، ولكن بعدما أغرقت هذه العائلات بأزمات مالية خطيرة، وواجهت تمييزا عرقيا عنصريا استنادا إلى ازدواج الجنسية.
روته الغارق بدعم الإرهاب في سورية بدليل اعترافه مؤخرا بتدخله الشخصي في عرقلة تحقيقات برلمانية حول تقديم ملايين الدولارات للإرهابيين، اضطر للإقرار بجريمة حكومته وأعلن استقالتها بعدما وجد نفسه محاصرا بتداعيات فضيحته الجديدة، وقال خلال مؤتمر صحفي:” لقد تم اتهام وتجريم مواطنين أبرياء وتعرضت حياتهم للدمار، والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق حكومته”، وبكل تأكيد فإن استقالة حكومته ليست نابعة من الشعور بتحمل المسؤولية عن هذه الجريمة الأخلاقية والسياسية، وإنما هي استقالة رمزية فقط لخداع الرأي العام الهولندي بهدف تجنب تصويت بنزع الثقة من جانب البرلمان الأسبوع المقبل، لاسيما وأنها جاءت قبل نحو شهر ونصف من موعد الانتخابات الجديدة في بلاده، وهو سيبقى على رأس هذه الحكومة لتسيير الأعمال حتى موعد إجراء الانتخابات في بداية آذار القادم.
الآباء في هولندا كانوا قد فوجئوا باتهامهم بالفساد المالي نتيجة أخطاء بسيطة مثل عدم توقيع الأوراق التي قدموها لطلب دعم لأطفالهم، ولكن تم لاحقا إجبارهم على دفع عشرات الآلاف من اليوروهات للحكومة مع عدم منحهم الحق في استدراك الأمر، وهذا الأمر أكده أحد وزراء الحكومة المستقيلة بقوله:” نعم تم دفعهم بشكل إجباري لدفع الأموال”، ونتيجة ذلك تعرضت الأسر للدمار المالي تبعا لتصرفات الجهاز الإداري للدولة الذي أصبح عدوا للمواطنين، وتضررت العلاقات الأسرية تحت العبء المالي، واضطرت بعض الأسر لفقدان منازلها، كما تحدثت أمهات عن مشاكلهن المالية وهن تبكين أمام كاميرات وسائل الإعلام، فيما شكت أسر كثيرة من مشاكل مالية وضغوط أدت إلى أزمات نفسية بعدما تعرضوا للاستهداف من مسؤولي الضرائب، وكل ذلك عزز الاعتقاد السائد بين الأقليات العرقية المختلفة في هولندا بأنهم يتعرضون للتمييز العنصري بشكل مؤسساتي ممنهج من جانب السلطات.
الفضيحة كانت قد بدأت عام 2012 ، ووصل عدد الآباء الذين تأثروا بها إلى أكثر من 26 ألف شخص، بعضهم نادى بصراحة باستقالة الحكومة بعد انفضاح الأمر، مؤكدين أنهم فقدوا الثقة بها وفي قدرتها على إصلاح النظام الضريبي، وإحدى الأمهات طالبت الضرائب بإعادة مبلغ يتعدى 48 ألف يورو، وعندما حاولت أن توضح لهم وجود خطأ، أوقف مسؤولو الضرائب المعونات الحكومية التي كانت تحصل عليها بالكامل وليس فقط معونة إعالة الأطفال، ووصل لأمر إلى حد قطع شركة الكهرباء والغاز إمدادها بالطاقة قبل أن تُطرد من وظيفتها وتفشل في الحصول على وظيفة أخرى، وبسبب تراكم الضغوط عليها انهارت علاقتها بأطفالها بسبب الأزمة النفسية التي نتجت عن ذلك، بحسب ما أفادت به وسائل الإعلام ، فيما قال أحد الآباء: “هناك مسؤولون في الحكومة سمحوا بحدوث الفضيحة واستمرارها وحاولوا التغطية عليها”.
وقد أكد تقرير تحقيق برلماني نُشر في كانون الأول الماضي أن المسؤولين الهولنديين أنهوا مخصصات آلاف العائلات المتهمة خطأ بالاحتيال بين 2013 و2019، قبل إجبارها على إعادة الأموال التي تلقتها على مدى عدة سنوات، في مبالغ وصلت في بعض الحالات إلى عشرات الآلاف من اليورو، ويوضح التقرير أن عددا من كبار القادة السياسيين بما فيهم العديد من الوزراء في مناصبهم فضلوا صرف النظر عن هذا الخلل الذي كانوا على علم به، فيما انتقدت لجنة برلمانية بشدة إجراءات السلطات والحكومة والمحاكم قائلة إن “المبادئ الأساسية لسيادة القانون قد انتُهكت”.
لوديفيك آشر زعيم حزب العمال الهولندي المعارض الذي استقال من منصبه كوزير للشؤون الاجتماعية في الحكومة المستقيلة، وضع مزيداً من الضغوط على روته بناء على تقرير لاذع صدر الشهر الماضي، بعنوان “ظلم غير مسبوق”، سلّط الضوء على سياسات مكتب الضرائب وانتهاكه المبادئ الأساسية لقانون البلاد، وانتقد كذلك حكومة روته على الطريقة التي قدمت بها معلومات للبرلمان حول الفضيحة، الأمر الذي حرم نحو 26 ألف أسرة ظلماً من علاوة الأطفال، وعانت من الآثار الاقتصادية المترتبة على ذلك.
ومن المقرر أن تدفع الحكومة تعويضات لا تقل عن 30 ألف يورو لكل أب متضرر، لكن الآباء يؤكدون أن التعويض غير كاف.
وقبل استقالة الحكومة، قالت سيغريد كاغ زعيمة حزب الأحرار إنه “من المهم أن تتحمل الحكومة المسؤولية السياسية عن كل ما حدث والظلم الذي تعرض له الآباء”، فيما قالت وزيرة المالية ألكساندرا فان هوفلين إن الأطفال الذين تأثروا بالفضيحة يجب أن يحظوا بالرعاية أيضا “ليتمكنوا من مواصلة حياتهم بشكل طبيعي”.
فضيحة إعانات الأطفال في هولندا، وتعمد روته والعديد من وزراء حكومته التستر عليها، أعادت للأذهان محاولات هذه الحكومة التستر على فضائحها وجرائمها حول دعم التنظيمات الإرهابية في سورية، عندما أطلقت في أيلول الماضي مزاعم باطلة ضد سورية بما يتعلق بحقوق الإنسان، واستخدمت محكمة العدل الدولية في لاهاي لخدمة أجندات سيدها الأمريكي السياسية في انتهاك فاضح لتعهداتها والتزاماتها كدولة المقر لهذه المنظمة الدولية ونظامها، وحينذاك أكدت وزارة الخارجية والمغتربين أن الحكومة الهولندية آخر من يحق له الحديث عن حقوق الإنسان بعد فضيحتها أمام الرأي العام الهولندي ودافعي الضرائب من شعبها نتيجة قيامها بدعم وتمويل تنظيمات مسلحة في سورية تصنفها النيابة العامة الهولندية تنظيمات إرهابية، وتلك الفضيحة موثقة صوتا وصورة و اعترف بها وزير الخارجية الهولندي.