حفل حضور المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء لأعمال المجلس العام للاتحاد العام للفلاحين مؤخراً، بمعطيات كثيرة مهمة، لكن أهمها على الإطلاق أنه سيتم إعادة معمل حلب للجرارات إلى الخدمة بأسرع وقت ممكن لتأمين الجرارات للإخوة الفلاحين، وأرى في هذا بشرى سارة جداً للفلاحين ولكل السوريين.
قبل عامين مررت بجانب المعمل – العظيم – الذي أنتج عشرات ألوف الجرارات البرتقالية المسماة – الفرات – وشكلت رمزاً من رموز ازدهار القرية السورية، رأيته متشحاً بالسواد، لا أثر فيه للحياة، سرق الإرهابيون آلاته وأحرقوا أثاثه، وتركوه أثراً بعد عين.
كان هذا المصنع ينتج ٣٠٠٠ جرّار كل عام وكان الجرار يباع للفلاحين بالتقسيط ومن خلال قرض زراعي لعدة سنوات، ولَم تكن كمية الإنتاج كافية، وكان الفلاحون ينتظرون وقتاً طويلاً أحياناً، ليصل دورهم إلى الحصول على جرّار الفرات، الذي ارتفعت نسبة التصنيع المحلي فيه إلى٨٠ % ، قبل الحرب الآثمة على سورية.
كنّا نراهن أن يكون هذا المصنع بوابة سورية إلى دخول عالم الصناعات الثقيلة، تلك الصناعات التي تخدم التنمية الكبرى وتساعد على إنتاج وسائل الإنتاج، وقطع التبديل، والآليات الزراعية والشاحنات والجرافات…… الخ.
ولَم يكتف الإرهابيون التكفيريون بحرق وتدمير هذا المصنع الذي حرره جنودنا البواسل في العام 2016، في سياق تحرير حلب بل سرقوا ودمروا ٣٥ ألف جرّار سوري، ما أفقر الزراعة السورية من الجرارات.
وسمحت وزارة الاقتصاد مؤخراً باستيراد ٥٠٠٠ جرّار في السنة بدلاً من ٣٠٠٠ جرّار وفِي ذلك مؤشر عن الطلب المتزايد على الجرار، فهو سيارة الريف، ووسيلة انتاج، إذ يحرث ويبذر ويرش الأدوية الزراعية، وهو شاحنة قوية ومحرك جبار لنضح المياه من الآبار.
وما من شك أن وعد السيد رئيس مجلس الوزراء- بإحياء مصنع- الفرات للجرارات في حلب، في هذا الوقت بالذات، يحمل معنيين هامين، الأول التمسك بنهضة زراعية تحاكي ما كانت عليه زراعتنا ، قبل الحرب الجائرة على بلادنا، في العام ٢٠١١ ، والثاني الثقة التامة، بالاشتغال على هذا الوعد وتحقيقه، استناداً إلى عدة معطيات، لعل من أهمها الإصرار على إعادة تشغيل كل مصانع القطاع العام، بصفتها ثروة وطنية، وسنداً قوياً للدولة السورية، ولفت الانتباه في أكثر من جلسة لمجلس الوزراء إلى البحث عن سبل لاستعادة المصانع السورية الكبرى مثل الجرارات والإطارات والبطاريات والزجاج، والبرادات والغسالات والتلفزيونات…..الخ، سواء عبر المساهمة الشعبية، او التشاركية الحميدة، أو التمويل المباشر من موازنة وزارة الصناعة أو وزارة المالية، ويمكن أن نضيف- القروض – في هذا السياق، سواء من المصرف الصناعي أو التجاري، وهي مصانع رابحة ومطلوبة في مرحلة إعادة الإعمار التي بدأت في الزراعة على الأقل، وما من شك أن ستعادة مصانع القطاع العام المدمرة أو المتوقفة عن العمل لأسباب مختلفة، هي تفعيل لخبرة عمالية ثمينة جداً تربت وتدربت في هذه المصانع، وسيكون مهماً جداً إن تنقل خبراتها إلى العمال الشباب.
أروقة محلية – ميشيل خياط