الثورة أون لاين – تحقيق محمود ديبو:
لا يعرف الكثيرون أن العسل الذي يتناولونه يحتاج الكثير من العناء والمتاعب والمشاق لكي يصل إليهم بالشكل الذي يرونه، وعلى الرغم من تلاقي الآراء حول أهمية العسل وضرورته الغذائية للإنسان، وأهميته الاقتصادية كمنتج يحظى بطلب عال لدى مختلف الشرائح وبجميع البلدان، لكن هذه الأهمية لم تدفع باتجاه الاهتمام بمنتجي العسل وهم النحالون الذين تغيب مطالبهم في كثير من الأحيان عن المعنيين، ويواجهون متاعبهم ومشكلاتهم بعيداً عن أي دعم أو اهتمام يذكر.
متاعب وصعوبات:
يقول المهندس رضوان البدوي رئيس الجمعية الفلاحية لتربية النحل بدمشق وريفها إن النحال شخص منتج وفاعل ويقدم سلعة هامة ويحتاجها الكبير والصغير، لكن هناك ما يواجه عمله من متاعب وصعوبات تستحق الوقوف عندها وشملها بجملة ما يقدم لباقي مناحي القطاع الزراعي من دعم ومساعدة، معتبراً أن تربية النحل من المشاريع الزراعية الهامة التي يجب أن تكون محط رعاية واهتمام الجميع، لا أن يتم اعتبارها ترفاً أو رفاهية.
سؤال مشروع:
وقال البدوي متسائلاً لماذا لا تشمل تلك المشاريع بالتعويض عن الأضرار كما يحصل لدى تعرض البيوت البلاستيكية مثلاً للضرر نتيجة للظروف الجوية والمناخية، كذلك لماذا لا يتم التعويض للنحال عن الضرر الذي يلحق به نتيجة موت نحله بالمبيدات المرشوشة بالحقول، أو عندما يتعرض نحله للسرقة، أو عندما يتعرض لجوائح وأمراض تفتك به كما مرض (النوزيما) مثلاً الذي يقضي على النحل وهو مرض معد وخطير، وفي هذا دعا البدوي إلى ضرورة التعويض على النحال قبل المزارع ليس لشيء وإنما لأن النحل هو من يقوم بعملية تلقيح المحاصيل الزراعية التي يزرعها الفلاح، ومن هنا تكمن أهمية النحل وعمل النحالين.
منتجات خلية مصابة بمرض خطير:
ولا يقف الأمر عند عدم تلقي الدعم والاهتمام اللازمين، إذ إن الأمر يتعدى ذلك إلى مشكلات من نوع آخر، حيث يشير المهندس البدوي إلى أن آخر ضربة تلقاها قطاع تربية النحل هي محاولة البعض استيراد (غبار الطلع) رغم أن انتاجنا المحلي من غبار الطلع كبير جداً ويعد بالإطنان، والمفارقة أن هناك شحنة تبين بعد فحصها أنها مصابة بفطريات مرض النيوزيما سيرانا (وهو مرض خطير يصيب النحل ويعرف بالإسهال الجاف) دخلت إلى القطر بعد أن تعهد مستوردها بأنه سيستخدمها بصناعة مواد التجميل، ولن يطرحها للاستخدام البشري كغذاء.
وإن كانت هذه الشحنة قد تم اكتشافها إلا أن هناك كميات تدخل تهريباً ولا أحد يعلم عنها شيء وتطرح في الأسواق وهذا يشكل أذى للنحالين المنتجين لغبار الطلع محلياً.
سلالة نحل سيئة:
ويعود المهندس البدوي بالذاكرة إلى بضع سنوات عندما تم إدخال سلالة من النحل المصري السيئ وتم تقديمها كمعونات للنحالين، وأدى ذلك إلى تضرر قطاع النحل السوري بشكل كبير.
الاهتمام مطلوب ولكن..
بدوره يقول النحال عبد الرحمن إن المهام التي ينجزها النحل في خدمة الإنسان أكثر من أن تعد وهو في بلدنا بحاجة للاهتمام أكثر قولاً وفعلاً.
وحول هذا يرى النحال رمزي ضرورة أن يعطى النحال قروضاً تعينه على تحمل الأعباء المادية التي يتكلفها خلال عملية التربية لشراء الخلايا والمعدات اللازمة والأدوية والإنفاق على أجور نقل النحل من مرعى إلى آخر.
اعتدنا على الصدمات:
النحال وائل قال إن النحالين اعتادوا أن يواجهوا المصاعب والمشكلات التي تضر بمناحلهم دون طلب الاستعانة والدعم والتعويض من أحد ربما لأنهم لم يلمسوا جدية في هذا الجانب من قبل المعنيين، وعوضنا في كل ذلك على الله.
وحول فكرة التعويض على النحالين المتضررين الذي تعرضت أو قد تتعرض مناحلهم للأضرار نتيجة الظروف المناخية أو غيرها من العوامل، يقول أحد النحالين ومن خلال تجربته الشخصية إنه إلى جانب عمله كنحال، لديه عدد من البيوت البلاستيكية، وقد تعرضت لأضرار نتيجة للظروف المناخية، إلا أنه لم يتلق أي تعويض لا عن أضرار البيوت المحمية ولا حتى عن النحل ولا غير ذلك، مؤكداً في هذا أن قطاع النحل لا أحد يهتم به ولا يتلقى دعماً أو تشجيعاً ولا يتم إيجاد أسواق تصريف له، وهو متروك لجهد النحال وحده.
ويؤيد كلامه النحال نزار الذي يقول لم يسبق أن تلقينا تعويضاً عن أية أضرار تعرضت لها مناحلنا ولا حتى البيوت البلاستيكية..
مقترح لإحداث نقابة:
واقترح النحال أحمد أن يكون هناك نقابة مركزية للنحالين ونقابات فرعية في كل المحافظات، تعنى بشؤون النحالين وتدعمهم وتعوض لهم عن خسائرهم التي قد يتعرضون إليها، وهي فكرة لاقت تأييدا من مختلف النحالين لما لها من فائدة تعود على جميع من يعمل في هذا المجال.
سلسلة تجارب:
ويعرض النحال عدنان تجربته بالقول: في العام 2004 عندما تعرضت جبال اللاذقية للحرائق، خسرت 80 خلية عامرة من النحل بمنطقة العيسورية، وفي عام 2007 مات عندي 90 خلية نحل عامرة بريف طرطوس بأحراش منطقة الوردية والنمرية، وذلك إثر الصقيع الذي أصاب المنطقة، كذلك وخلال سنوات الحرب على سورية تركت 250 خلية عامرة بريف دمشق، و75 خلية عامرة بريف إدلب، وحتى اللحظة لم أحصل على تعويض، كما أن محلي التجاري تعرض للسرقة وكان يحوي عسلا ومستلزمات نحالين وفرازين و500 صندوق فارغ وغير ذلك ولم أحصل على تعويض من أحد.
نحتاج دواء موثوق ومكفول:
وفي هذا السياق دعا النحال عبد الله إلى الانتباه إلى مسألة الأدوية ومراقبتها والتأكد من أنها ترد من مصدر رسمي ومضمون وموثوق للنحل، حتى لا تتسبب بأذية للخلايا أو موتها في حال لم تكن مكفولة وموثوقة.
للتندر…
أحد النحالين قال متندراً: لا نريد دعماً ولا تعويضاً، فليدعونا وشأننا ونحن بألف خير من الله، لأنه إذا وصل الأمر إلى إقرار تعويضات للنحالين سنجد أن عدد النحالين سيتضاعف عدة مرات على الورق فقط، وستدرج بعض الأسماء على جداول النحالين دون أن يكون لهم علاقة بالعمل فقط ليحصلوا على التعويضات، وربما قد لا يصل إلى المتضررين الحقيقيين إلا النذر اليسير من التعويض فيما يحصل الدخلاء على مستحقات لا يستحقونها..!